شهدت مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي تصاعدًا غير مسبوق في حدة التوترات الأمنية، بعد سلسلة من الاشتباكات الدامية بين قوات الأمن الداخلي ومجموعات مسلحة محلية مرتبطة بالنظام السابق، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، بينهم مدنيون.
وبدأت الأحداث بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين، بينهم طفل، إثر استهدافهم من قبل مسلحين مجهولين. رداً على هذه الأحداث، نفّذت قوات الأمن الداخلي حملة أمنية واسعة في الصنمين، شملت البحث عن مطلوبين وأسلحة، وقد رافقت الحملة حالة من حظر التجوال.
وتطور الوضع سريعًا عندما اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن الداخلي ومجموعة "الهيمد"، التي تعتبر إحدى المجموعات المرتبطة بالمخابرات العسكرية السابقة. وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل ثلاثة عناصر من المجموعة، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة مدنيين بينهم طفل. كما تعرض أحد عناصر الأمن الداخلي للإصابة جراء إطلاق نار عشوائي من قبل المجموعة المسلحة.
مع تصاعد المواجهات، قامت قوات الأمن الداخلي بمحاصرة الحي الغربي في المدينة، حيث يقطن محسن الهيمد، القيادي السابق في فرع الأمن العسكري. وشهدت المنطقة اقتحامًا أمنيًا مكثفًا، تخللته عمليات قصف للمنازل، مما أدى إلى حالة من الذعر بين السكان المدنيين.
وفي خطوة غير مسبوقة، منحت القوات الأمنية مهلة لمدة ساعة واحدة لإخراج النساء والأطفال من المنطقة قبل تصعيد العمليات العسكرية، في إشارة إلى نية الأجهزة الأمنية إنهاء وجود المسلحين بالقوة.
وتوالت التطورات الميدانية سريعًا، حيث قُتل ثلاثة عناصر من قوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى عنصر من المسلحين المحليين، بينما أصيب عدة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، جراء تبادل إطلاق النار الكثيف.
وفي ظل استمرار الاشتباكات، ورفض مجموعة "الهيمد" تسليم أنفسهم، لجأت القوات الأمنية إلى تحريك الدبابات وسط إطلاق نار كثيف، ما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا، بينهم مدنيون تواجدوا في مناطق الاشتباكات.
ومع استمرار المواجهات المسلحة، ارتفع عدد القتلى إلى خمسة عناصر من الأمن الداخلي، بالإضافة إلى ثلاثة من المسلحين المحليين، ومدني واحد، في حين أصيب العديد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وتُظهر هذه الأحداث أن مدينة الصنمين لا تزال تشهد حالة من الفوضى الأمنية، نتيجة لوجود مجموعات مسلحة لها امتدادات في النظام السابق. ويعكس التصعيد الأخير محاولة الأجهزة الأمنية فرض سيطرتها بالقوة، بعد فشل الحلول التفاوضية.
ويبقى التساؤل الرئيسي: هل ستنجح القوات الأمنية في فرض سيطرتها بالكامل، أم أن هذه الاشتباكات ستكون بداية لموجة جديدة من الاضطرابات في المنطقة؟ الأيام القادمة وحدها ستحدد مصير هذه المدينة المضطربة.