أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) عن اعتقال "جاسوس" يعمل لصالح النظام السوري المخلوع في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، ضمن عملية أمنية وُصفت بـ"الدقيقة والمحكمة". ووفقًا للبيان الصادر عن "قسد"، فقد تم إلقاء القبض على إسلام معروف، الملقب بـ"إسلام خفاجي"، في أحد أحياء مدينة الحسكة، حيث تم فرض طوق أمني حوله قبل تنفيذ عملية الاعتقال.
تفاصيل العملية الأمنية
أشارت "قسد" في بيانها إلى أن "إسلام خفاجي" يُعد من أخطر العناصر التي ساهمت في تنفيذ "عمليات إرهابية"، بحسب وصفها، استهدفت قواتها وقوات التحالف الدولي في مدينتي الحسكة ودير الزور، كما أكدت أن الاعتقال جاء في إطار حملات أمنية متتالية تنفذها "قسد" منذ سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024، بهدف تطهير المناطق الخاضعة لسيطرتها من الخلايا المعادية.
حملات أمنية متصاعدة
لم تكن هذه العملية الأولى من نوعها، إذ نفّذت "قوى الأمن الداخلي" (أسايش) التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، بالتعاون مع "قسد" وقوات التحالف الدولي، حملة أمنية واسعة في ريف دير الزور في 4 شباط الماضي. ووفقًا لبيان رسمي، فقد تم اعتقال 79 شخصًا خلال 15 يومًا، بتهم تتعلق بالعمل لصالح "فلول النظام السوري" والانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية".
وامتدت الحملة الأمنية إلى محافظة الحسكة، حيث داهمت "قسد" عددًا من القرى والبلدات، واعتقلت عددًا من الأشخاص بتهمة العمل لصالح النظام المخلوع. وأفادت مصادر محلية، تحفّظت على ذكر أسمائها لأسباب أمنية، أن قرى دبانة وتل عودة وجرمز في ريف القامشلي شهدت اقتحامات مماثلة، حيث تم اعتقال رجال وشبان، من بينهم عبد الفتاح الليلو وابنه خالد، للاشتباه في انتمائهم لـ"الدفاع الوطني"، القوة الرديفة للنظام السوري.
سياسات "قسد" الأمنية وردود الفعل المحلية
بين الحين والآخر، تنفّذ "قسد" حملات أمنية لملاحقة عناصر "الدولة الإسلامية"، وغالبًا ما تشمل هذه الحملات اعتقال مدنيين بتهم الانتماء للتنظيم، إلا أن بعضهم يُطلق سراحه لاحقًا بوساطات عشائرية. وفي نهاية كانون الثاني الماضي، أعلنت "قسد" عن تفكيك خلية تابعة للنظام السوري في دير الزور، قالت إنها كانت تخطط لنشر الفوضى وتنفيذ هجمات ضد قواتها.
تحليل للوضع الأمني والسياسي
تُظهر هذه الحملات الأمنية تصاعد التوتر في مناطق سيطرة "قسد"، حيث تسعى إلى فرض قبضتها الأمنية ومنع أي تهديد محتمل من قبل خلايا النظام السوري أو تنظيم "الدولة الإسلامية". ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تثير انتقادات من بعض السكان المحليين، الذين يرون أن عمليات الاعتقال تطال أحيانًا مدنيين أبرياء تحت ذرائع أمنية. كما أن الاعتماد على القوّة الأمنية في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" يطرح تساؤلات حول مدى استقرار الحكم الذاتي في شمال وشرق سوريا، خاصة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.
من جهة أخرى، يعكس استمرار الاعتقالات والمداهمات مخاوف "قسد" من التهديدات الداخلية والخارجية، لا سيما مع تزايد نشاط الخلايا التابعة للنظام السوري البائد التي تحاول زعزعة الاستقرار في المناطق الخاضعة لها. هذا الواقع يجعل المنطقة في حالة دائمة من الترقب، حيث لا يزال الصراع الأمني والسياسي بين القوى المتناحرة مستمرًا، مما يعقّد آفاق الحلول المستدامة.