التضارب في التصريحات حول إلغاء عقد "ستروي ترانس غاز"
تواجه الاستثمارات الروسية في سوريا حالة من الغموض، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن إلغاء بعض العقود، مثل عقد إدارة وتشغيل مرفأ طرطوس من قبل شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية، التي تُعد واحدة من أكبر شركات المقاولات والهندسة في روسيا.
في تصريح رسمي، نفى المدير التنفيذي للشركة، ديمتري تريفونوف، تلقي أي إشعار رسمي بإلغاء العقد، مؤكدًا أن مثل هذا القرار لا يمكن اتخاذه من طرف واحد، بل يحتاج إلى إجراءات قانونية مطولة تشمل تصديق البرلمان والرئيس.
وكانت تقارير أخرى، نقلتها "رويترز" عن رجال أعمال سوريين، زعمت أن الحكومة السورية المؤقتة ألغت العقد بالفعل، مما أثار تساؤلات حول مستقبل هذه الاتفاقية وغيرها من الاستثمارات الروسية في سوريا.
العقود الروسية في سوريا: نفوذ اقتصادي وعسكري طويل الأمد
منذ بدء دعمها العسكري للنظام السوري، سعت روسيا إلى تأمين مصالح اقتصادية استراتيجية في البلاد، مستغلة الحاجة الماسة للنظام إلى الحماية السياسية والعسكرية. وقد حصلت موسكو على امتيازات واسعة، من بينها:
- إدارة وتشغيل مرفأ طرطوس لمدة 49 عامًا، وفق نظام عقود التشاركية بين القطاعين العام والخاص.
- عقود طويلة الأمد في قطاع النفط والغاز، مثل التنقيب عن النفط في الساحل السوري وتطوير بعض الحقول النفطية.
- الاستثمار في قطاع البتروكيماويات والأسمدة، مثل مشروع تأهيل واستثمار "الشركة العامة للأسمدة" في حمص.
- الوجود العسكري الروسي في قاعدتي حميميم وطرطوس، مما يمنح موسكو نفوذًا استراتيجيًا في شرق البحر المتوسط.
التغيرات السياسية وتأثيرها على الاستثمارات الروسية
بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024، دخلت سوريا في مرحلة انتقالية، حيث تسعى الحكومة الجديدة إلى إعادة النظر في العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها خلال سنوات الحرب.
هناك عدة سيناريوهات محتملة لمصير الاستثمارات الروسية في سوريا، أبرزها:
- إعادة التفاوض على العقود: قد تحاول الحكومة الجديدة فرض شروط أكثر توازنًا على العقود السابقة، خاصة تلك التي تُعتبر مجحفة بحق الاقتصاد السوري.
- إلغاء بعض العقود بشكل كامل: إذا قررت دمشق الجديدة تبني سياسات اقتصادية أكثر استقلالية، فقد تلغي بعض الاتفاقيات التي تعتقد أنها تمت وفق صفقات غير عادلة.
- ضغط روسي للحفاظ على الامتيازات: من غير المرجح أن تتخلى موسكو بسهولة عن هذه الاستثمارات، وقد تستخدم الضغوط الدبلوماسية والعسكرية لضمان استمرار نفوذها في سوريا.
الموقف الروسي: هل ستتمسك موسكو باستثماراتها بأي ثمن؟
مع وجود مفاوضات مستمرة بين موسكو ودمشق، يبدو أن روسيا لن تتخلى بسهولة عن مكاسبها الاقتصادية والعسكرية في سوريا. وقد تلجأ إلى:
- التصعيد السياسي من خلال الضغط على الحكومة السورية المؤقتة.
- استخدام نفوذها العسكري للحفاظ على وجودها في قواعدها الاستراتيجية.
- إيجاد بدائل اقتصادية من خلال شركات روسية أخرى أو اتفاقيات جديدة تضمن استمرار مصالحها.
هل تتحول الاستثمارات الروسية إلى ورقة ضغط؟
يبدو أن مصير الاستثمارات الروسية في سوريا سيكون مرتبطًا بالتطورات السياسية القادمة، خاصة مع استمرار إعادة ترتيب المشهد السياسي بعد سقوط النظام. الحكومة السورية الجديدة ستواجه تحديًا كبيرًا بين تحقيق استقلال اقتصادي والتعامل مع الضغوط الروسية التي قد تسعى للحفاظ على امتيازاتها بشتى الوسائل.
هل تعتقد أن الحكومة السورية الانتقالية ستنجح في إعادة التفاوض على العقود الروسية؟ أم أن موسكو ستفرض إرادتها للحفاظ على نفوذها الاقتصادي والعسكري في سوريا؟