التصعيد التركي في شمال سوريا: بين المخاوف الأمنية والملف الكردي

سامر الخطيب

2025.03.02 - 10:32
Facebook Share
طباعة

 تصاعدت العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا، في ظل التوتر المستمر بين أنقرة و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي أكدت أنها غير معنية بدعوة زعيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK) لإلقاء السلاح.


وأعلنت "قسد" في 1 آذار أن الجيش التركي والفصائل المدعومة منه كثّفت هجماتها على مناطق شمال شرقي سوريا، حيث نفذت الطائرات الحربية التركية غارات جوية بالقرب من سد "تشرين" شرقي حلب، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف، ما أدى إلى أضرار مادية جسيمة. كما شنت الفصائل السورية المدعومة من تركيا هجمات برية، دون تحقيق أي تقدم ملحوظ وفقًا لبيان "قسد".


بالمقابل، لم تعلن وزارة الدفاع السورية عن أي مواجهات مباشرة مع "قسد"، رغم إعلانها سابقًا عن دمج فصائل "الجيش الوطني" المدعوم تركيًا ضمن الجيش السوري الجديد.


جاء التصعيد العسكري متزامنًا مع مطالبة تركيا لـ"قسد" بإلقاء السلاح، تماشيًا مع دعوة زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى حل الحزب وإلقاء السلاح عبر رسالة أطلقها من سجنه في تركيا. إلا أن "قسد" رفضت أي صلة لها بهذه الدعوة، مؤكدة أنها كيان مستقل ولا تتبع "العمال الكردستاني".


وفي السياق ذاته، شدد المتحدث باسم "حزب العدالة والتنمية" التركي، عمر تشليك، على أن بلاده تعتبر "قسد" امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، وأن عليها الامتثال للدعوة وإلقاء السلاح، مؤكدًا ضرورة إنهاء وجود كافة أذرع الحزب في سوريا والعراق.


من جانبه، أعلن "حزب العمال الكردستاني" استجابته لنداء أوجلان بوقف إطلاق النار مع تركيا، لكنه لم يعلن التخلي الكامل عن السلاح، مشيرًا إلى أن "تنفيذ مثل هذه القرارات يتطلب قيادة مباشرة من أوجلان نفسه". كما أبدى الحزب استعداده لعقد مؤتمر لحل نفسه، بشرط الإفراج عن زعيمه ليتمكن من قيادة العملية.


الأبعاد الاستراتيجية للاهتمام التركي بالملف الكردي
يمكن فهم التحركات التركية في شمال سوريا ضمن عدة سياقات استراتيجية، أبرزها:
- الهواجس الأمنية: ترى تركيا أن وجود "قسد" على حدودها يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، لا سيما أنها تعتبرها امتدادًا لحزب "العمال الكردستاني".

- منع أي كيان كردي مستقل: تخشى أنقرة من أن يؤدي تعزيز دور "قسد" إلى قيام كيان كردي مستقل في شمال سوريا، مما قد يشجع النزعة الانفصالية داخل حدودها.

- إعادة التوازن العسكري في شمال سوريا: تعمل تركيا على تقليص نفوذ "قسد" عسكريًا، وضمان عدم قدرتها على التحرك بحرية في المناطق الحدودية.

- تعزيز موقعها التفاوضي: يمثل الملف الكردي ورقة ضغط مهمة لأنقرة في أي محادثات دولية متعلقة بسوريا، خاصة في علاقتها مع الولايات المتحدة وروسيا.


تظل التطورات في شمال سوريا مفتوحة على احتمالات متعددة، في ظل استمرار أنقرة في سياساتها تجاه "قسد"، وغياب أي بوادر لحل سياسي شامل. وبينما تسعى تركيا إلى تحقيق أهدافها الأمنية، يبقى مستقبل المنطقة معلقًا بين التوازنات الإقليمية والمصالح المتعارضة للأطراف الفاعلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3