في تصعيد جديد، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، تعليماتهما للجيش الإسرائيلي بالاستعداد "للدفاع" عن مدينة جرمانا، ذات الغالبية الدرزية، والواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات من مركز العاصمة السورية دمشق، ضد الحكومة السورية الجديدة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها صحيفة "معاريف"، في 1 آذار، بيانًا صادرًا عن نتنياهو جاء فيه: "لن نسمح للنظام الإرهابي المتطرف في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز". وأضاف نتنياهو وكاتس أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرض الدروز في سوريا للخطر، مشددين على أن الجيش الإسرائيلي قد تلقى أوامر بالاستعداد والتحرك إن لزم الأمر، ووجهوا رسالة تحذيرية واضحة: "إذا آذى النظام الدروز، فسوف نلحق الأذى به".
وأكد البيان التزام إسرائيل "بمنع المساس بالدروز في سوريا"، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية "ستتخذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على أمنهم".
التصعيد الإسرائيلي والاشتباكات في جرمانا
يأتي هذا التهديد الإسرائيلي في سياق اشتباكات شهدتها مدينة جرمانا، التابعة لمحافظة ريف دمشق، عقب استهداف عناصر من قوى الأمن العام السوري على أحد الحواجز الأمنية في المدينة. وفي تصريح لوسائل الإعلام الرسمية السورية، قال مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، إن الجهات الأمنية وبالتعاون مع الوجهاء المحليين في جرمانا تعمل على ملاحقة المتورطين في الهجوم.
وأوضح الطحان أن المشكلة تقتصر على منفذي الاعتداء على الأمن العام، داعيًا إلى إدراك خطورة هذه الأعمال التي تهدد أمن واستقرار سوريا.
تغيّر في اللهجة الإسرائيلية تجاه سوريا
خلال الأيام الماضية، شهدت التصريحات الإسرائيلية تغيّرًا واضحًا تجاه الحكومة السورية الجديدة، إذ انتقد مسؤولون إسرائيليون الإدارة السورية الحالية، معتبرين أنها تمثل "خلفية إرهابية". وأعرب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن عدم ثقته بالحكومة السورية، منتقدًا تولي الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع منصبه، معتبرًا أن "استبداله السروال بالبدلة" لا يجعله جديرًا بالثقة.
ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية عن كاتس، خلال مؤتمر صحفي في 27 شباط، قوله: "نحن لا نثق إلا بجيش الدفاع الإسرائيلي. كان واضحًا لي ولرئيس الوزراء أن المنطقة العازلة يجب أن يتم احتلالها، وسياستنا هي البقاء هناك، على قمة جبل الشيخ وعند نقاط المراقبة، لفترة غير محدودة".
الأطماع الإسرائيلية في سوريا
يأتي هذا التصعيد الإسرائيلي تجاه دمشق في إطار سياستها التوسعية الرامية إلى تحقيق أهداف متعددة، أولها تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال استغلال الأقليات الدينية والعرقية كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. فلطالما استخدمت إسرائيل ملف الدروز في سوريا كأداة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
على الصعيد العسكري، تهدف إسرائيل إلى الحفاظ على سيطرتها الاستراتيجية على مرتفعات الجولان، مستفيدة من عدم الاستقرار الداخلي في سوريا لإحكام قبضتها على هذه المنطقة، وربما التوسع أكثر في المستقبل. كما أن التصريحات حول "احتلال المنطقة العازلة" تشير إلى نوايا إسرائيلية لإقامة منطقة نفوذ داخل الأراضي السورية، تحت ذريعة "حماية الأقليات".
أما سياسيًا، فإن التشكيك الإسرائيلي بالحكومة السورية الجديدة يندرج ضمن جهودها لعرقلة أي استقرار سياسي في سوريا قد يؤدي إلى إعادة بناء الدولة السورية وتقوية مؤسساتها. إذ أن استقرار سوريا لا يتماشى مع المصالح الإسرائيلية التي تعتمد على بيئة مضطربة في دول الجوار لضمان تفوقها العسكري والسياسي.
في المحصلة، يبقى التهديد الإسرائيلي بالتدخل في سوريا مؤشرًا على استمرار إسرائيل في نهجها العدائي تجاه دمشق، واستغلالها للملفات الداخلية السورية كذريعة لتحقيق أجنداتها الأمنية والعسكرية.