الألغام في سوريا: القاتل الصامت الذي يحصد أرواح الأبرياء

رزان الحاج

2025.03.01 - 01:14
Facebook Share
طباعة

 لا تزال الألغام الأرضية ومخلفات الحرب تشكّل تهديدًا خطيرًا لحياة المدنيين في سوريا، إذ تحصد أرواح الأبرياء دون تمييز، مخلفةً مآسي إنسانية مستمرة، وفي ظل غياب الجهود الكافية لإزالتها، تتزايد أعداد الضحايا، خاصة بين الأطفال والنساء، ما يسلط الضوء على ضرورة التدخل العاجل من قبل الجهات المعنية.


واقع مأساوي وأرقام مفزعة
شهدت سوريا منذ بداية عام 2025 مقتل 213 شخصًا، بينهم 43 طفلًا و8 سيدات، نتيجة انفجار ألغام وأجسام غير منفجرة، فيما أصيب 248 آخرون بجراح، معظمهم من الأطفال، وتوزعت هذه الحوادث على مختلف مناطق السيطرة، حيث سُجلت أكبر نسبة من الضحايا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، تليها مناطق "الجيش الوطني"، ثم مناطق "الإدارة الذاتية".


الأطفال في مرمى الخطر
تشير الإحصائيات إلى أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من هذه الحوادث، إذ يمثلون نحو 40% من إجمالي المصابين، ويرجع ذلك إلى فضولهم الفطري وعدم إدراكهم لخطر هذه الأجسام القاتلة، مما يجعلهم أكثر عرضة للعبث بها، ناهيك عن افتقار المناطق المتضررة لحملات التوعية اللازمة لحمايتهم.


صيد الكمأة.. رحلة البحث عن الرزق والموت
مع حلول موسم الكمأة، تزداد حوادث انفجار الألغام، إذ يغامر الكثير من المدنيين بالخروج إلى المناطق الصحراوية بحثًا عن هذه الفاكهة الثمينة التي توفر لهم مصدر دخل في ظل الظروف الاقتصادية القاسية، ومع ذلك، تصبح هذه الرحلات مخاطرة قد تكلفهم حياتهم، حيث انفجرت عدة ألغام خلال عمليات البحث، ما أسفر عن وقوع العديد من الضحايا، بينهم أطفال ونساء.


تحليل الظاهرة: لماذا تستمر الكارثة؟
رغم مرور أكثر من عقد على بدء الصراع في سوريا، لا تزال الألغام ومخلفات الحرب منتشرة بشكل كبير في المناطق المتأثرة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها:
- غياب خطط واضحة لإزالتها: لا توجد جهود كافية من قبل السلطات المحلية أو المنظمات الدولية للتعامل مع هذه المشكلة بفعالية.
- غياب التوعية المجتمعية: لا يتم تقديم حملات كافية لتوعية السكان، خاصة الأطفال، بمخاطر الألغام وكيفية التعامل مع الأجسام المشبوهة.
- غياب التمويل الكافي: تواجه برامج إزالة الألغام نقصًا حادًا في التمويل، مما يعرقل تنفيذ عمليات المسح وإزالة الذخائر غير المنفجرة.
- استمرار النزاع وعدم الاستقرار: يُصعّب الصراع المستمر وصول الفرق المختصة إلى بعض المناطق لتنفيذ عمليات الإزالة، مما يبقي السكان في دائرة الخطر.


ما الحل؟
مع استمرار سقوط الضحايا، لا بد من تحرك عاجل من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للعمل على:
- تمويل برامج إزالة الألغام وتسريع عمليات المسح والتطهير.
- إطلاق حملات توعوية واسعة النطاق، خاصة في المناطق التي تشهد انتشارًا واسعًا لمخلفات الحرب.
- إشراك السكان المحليين في جهود الإبلاغ عن الأجسام المشبوهة والإبلاغ عن المناطق الملوثة بالألغام.
- ممارسة الضغوط الدولية على جميع الأطراف لتسهيل عمل فرق إزالة الألغام، وضمان سلامة المدنيين.


الألغام ليست مجرد بقايا حرب، بل هي قنابل موقوتة تحصد الأرواح يوميًا، خاصة في سوريا التي تعاني من كارثة إنسانية ممتدة، ومع تزايد أعداد الضحايا، يصبح التحرك العاجل ضرورة إنسانية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل، فهل نشهد قريبًا خطوات جادة لإنهاء هذا الخطر القاتل؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2