إسرائيل تحيك خيوط الفوضى في سوريا: لعبة النفوذ والتوازنات القاتلة

رزان الحاج

2025.03.01 - 10:31
Facebook Share
طباعة

 مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تتكشف أبعاد جديدة للصراع على النفوذ في سوريا. تسعى إسرائيل، وفقًا لمصادر مطلعة نقلتها وكالة "رويترز"، إلى إبقاء سوريا ضعيفة ومجزأة، في ظل منافسة شرسة مع تركيا، هذا التحرك ليس مجرد مسألة أمنية، بل جزء من استراتيجية أوسع لإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي، حيث تلعب الولايات المتحدة وروسيا دور الحكم بين الأطراف المتصارعة.


الضغوط الإسرائيلية ومخاوف أنقرة
تعتبر إسرائيل أن النفوذ التركي في سوريا تهديد استراتيجي مباشر لها، خاصة مع احتمال أن تصبح الحكومة السورية الجديدة المدعومة من أنقرة قاعدة لحركة "حــ.ـما.س" وجماعات أخرى. وعليه، كثفت تل أبيب ضغوطها على واشنطن لإبقاء سوريا في حالة ضعف وفوضى.


في المقابل، ترى تركيا أن سيطرتها المتزايدة في شمال سوريا ضرورية لحماية مصالحها ومنع إنشاء كيان كردي مستقل، وقد استضافت أنقرة مؤخرًا وزير الخارجية الروسي في محاولة لتأمين دعم موسكو ضد أي تحركات أمريكية أو إسرائيلية قد تعيق نفوذها.


الموقف الأمريكي والتوازنات الدولية
بينما تتجنب واشنطن اتخاذ موقف حاسم، إلا أن بعض المصادر تشير إلى أن الإدارة الأمريكية تفكر في تخفيف العقوبات على سوريا مقابل انسحاب روسيا من قاعدتيها العسكريتين. لم تقدم الخارجية الأمريكية أو مجلس الأمن القومي ردًا واضحًا على هذه القضية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للاستجابة للمطالب الإسرائيلية.


إسرائيل وروسيا: تحالف مصلحي في مواجهة تركيا
على الرغم من العداء التقليدي بين إسرائيل وروسيا في بعض الملفات، إلا أن تل أبيب لا تعارض استمرار التواجد العسكري الروسي في سوريا، طالما أنه يحد من النفوذ التركي. في المقابل، ترى السعودية - الحليف التقليدي لواشنطن - أن رفع العقوبات عن سوريا قد يكون خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار، وهو ما يتعارض مع التوجه الإسرائيلي.


إجراءات إسرائيلية لمنع توسع النفوذ السوري الجديد
ضمن هذا الإطار، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا بنزع السلاح من محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، ومنع الحكومة السورية الجديدة من بسط سيطرتها على هذه المناطق. كما شدد على رفض دخول قوات "هيئة تحرير الشام" أو "الجيش السوري الجديد" إلى الجنوب السوري، معتبرًا أن أي تغير في هذه المنطقة قد يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل.


مستقبل سوريا بين النفوذ الإقليمي والتدخلات الدولية
يبدو أن سوريا ستظل ساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تحاول كل من إسرائيل وتركيا وروسيا والولايات المتحدة فرض أجنداتها المختلفة، وبينما تسعى تل أبيب لإبقاء سوريا في حالة تفكك، تعمل أنقرة على تعزيز نفوذها.


على الرغم من الجهود الدولية لحل الأزمة، إلا أن تضارب المصالح بين الأطراف المتنافسة يجعل من الصعب تحقيق استقرار حقيقي في سوريا. فبينما تركز إسرائيل على الحد من النفوذ التركي، تسعى روسيا للحفاظ على وجودها العسكري والاستراتيجي، في حين تحاول الولايات المتحدة إدارة الصراع دون الانخراط المباشر فيه. هذه التعقيدات تضعف أي إمكانية لقيام دولة قوية في سوريا، وتجعلها عرضة لمزيد من التجاذبات والصراعات بالوكالة.


وبينما تدفع بعض الدول نحو إعادة إعمار سوريا ورفع العقوبات، تفضل قوى أخرى إبقاءها في حالة عدم استقرار لضمان تحقيق مصالحها الجيوسياسية. في ظل هذه الظروف، من المرجح أن يستمر الوضع السوري كأحد أكثر الملفات تعقيدًا في الشرق الأوسط، مع استمرار التدخلات الخارجية وتفاقم الأزمات الداخلية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 1