انتشار الجيش اللبناني في الجنوب: بين التعقيد والتأجيل

2025.02.16 - 09:38
Facebook Share
طباعة

 يقف لبنان على مشارف استحقاق أمني حساس، إذ يستعد الجيش اللبناني، بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية "يونيفيل"، لاستكمال انتشاره في جنوب الليطاني، وذلك ضمن اتفاق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الكامل للجنوب. إلا أن العملية تواجه عراقيل، أبرزها إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بخمسة مواقع استراتيجية داخل الخط الأزرق، وهي اللبونة، جبل بلاط، مارون الراس، الحمامص، وموقع بين بلدتي حولا ومركبا، بحجة ضرورة تأمين مستوطناتها في الجليل الأعلى.

 

تأجيل الانتشار ومخاوف من التصعيد
بحسب مصادر أمنية لبنانية، كان من المفترض أن تبدأ كتيبة من الجيش اللبناني، صباح السبت، انتشارها في عدة بلدات حدودية مثل بليدا، محيبيب، ميس الجبل، حولا، ومركبا، إلا أن العملية تأجلت في اللحظة الأخيرة لأسباب غير معلنة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الأمر مرتبطاً بالاعتداء الأخير على "اليونيفيل"، أو نتيجة لطلب إسرائيلي بالتريث ريثما تنتهي من عمليات التدمير والحرق التي طالت منازل في بعض القرى، وأبرزها ميس الجبل.

 

وبحسب المعطيات، فإن الجيش اللبناني كان قد أنهى استعداداته الميدانية لانتشاره في القطاع الشرقي، انطلاقاً من العديسة وكفركلا، وصولاً إلى مثلث تل نحاس المواجه لمستوطنة المطلة، حيث سيلتقي مع الكتيبة المنتشرة في باقي القرى. وأكدت المصادر أن التأخير لن يدوم طويلاً، ومن المتوقع أن يُحسم خلال الساعات المقبلة، لاستكمال الانتشار قبل انتهاء المهلة المحددة يوم الثلاثاء المقبل.

 

الإصرار الإسرائيلي والمناورات السياسية
تستغل إسرائيل الحجج الأمنية للإبقاء على مواقعها داخل الأراضي اللبنانية، رغم امتلاكها أنظمة رقابة متطورة، تشمل الجدار الفاصل المجهّز بكاميرات متطورة وأجهزة إنذار مبكر، إضافة إلى مناطيد وطائرات استطلاع، مما يجعل تبريرها غير مقنع بالنسبة للبنان. ويرى مراقبون أن الهدف الحقيقي من احتفاظها بهذه المواقع قد يكون السعي لإجبار لبنان على الدخول في مفاوضات سياسية غير مباشرة، شبيهة بتلك التي جرت في اتفاق 17 أيار 1983، والذي أُسقط لاحقاً تحت ضغط المعارضة الداخلية.

 

وعلى الرغم من أن إسرائيل تخلّت عن بعض المواقع مثل تلة العويضة بين العديسة وكفركلا، بسبب استحالة تأمينها لوجستياً، إلا أنها حصّنت مواقع أخرى بالدشم والساتر الترابي، مما يعكس نواياها طويلة الأمد.

 

التحركات الدبلوماسية ودور القوى الدولية
على الصعيد الدولي، تحاول فرنسا التوصل إلى تسوية عبر اقتراح نشر قوات أممية، مدعومة بعناصر من الوحدة الفرنسية التابعة لليونيفيل، في المواقع المتنازع عليها، كحل وسط قد يُرضي الطرفين. إلا أن إسرائيل رفضت هذا الاقتراح حتى الآن، فيما لم تعلن الولايات المتحدة موقفاً واضحاً، رغم ميلها لدعم إسرائيل في مطالبها الأمنية.

 

أما الأمم المتحدة، فقد أعرب أمينها العام أنطونيو غوتيريش عن دعمه للاقتراح الفرنسي، لكنه لم يتمكن من حشد توافق دولي حوله، ما يضع لبنان أمام سيناريوهات مفتوحة، قد تشمل تصعيداً ميدانياً أو حلولاً دبلوماسية قد تتطلب تنازلات معينة.

 

الموقف اللبناني: بين ضبط النفس والجهوزية العسكرية
داخلياً، يصر الجيش اللبناني على استكمال عملية الانتشار وفق الاتفاقات الدولية، ويرى أن أي تأخير تتحمل مسؤوليته إسرائيل. وبحسب مصادر مقربة من "الثنائي الشيعي"، فإن المنطقة باتت خالية من أي سلاح غير شرعي، وأنه لا مانع من قيام الجيش اللبناني بدهم أي موقع يشتبه في احتوائه على أسلحة أو مخازن ذخيرة.

 

ومع استمرار الغموض حول مستقبل المواقع الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، يبقى السؤال الأساسي: هل سينجح الضغط الدبلوماسي في إجبار إسرائيل على الانسحاب، أم أن الجنوب اللبناني سيظل ساحة تجاذب بين الحسابات السياسية والمصالح الأمنية؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5