في ظل تصاعد التوتر الأمني على الحدود اللبنانية-السورية، أعلن الجيش اللبناني تنفيذ إجراءات أمنية مشددة على امتداد المناطق الشمالية والشرقية المتاخمة لسوريا، وذلك بعد اندلاع اشتباكات عنيفة خلال الأيام الأخيرة.
إجراءات أمنية مشددة
أصدرت قيادة الجيش اللبناني، يوم الأحد 9 فبراير، بيانًا أكدت فيه استمرار الوحدات العسكرية بالرد على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، مع تكثيف الدوريات وإقامة نقاط مراقبة جديدة، بالإضافة إلى وضع حواجز ظرفية لرصد أي تحركات مشبوهة. كما شدد البيان على أن الجيش اللبناني ملتزم باتخاذ التدابير اللازمة لحماية السيادة الوطنية، في ظل متابعة دقيقة للتطورات الميدانية واتخاذ القرارات المناسبة تبعًا للظروف الراهنة.
اشتباكات حدودية وتصاعد التوتر
شهدت المناطق الحدودية في الأيام الماضية مواجهات بين فصائل سورية ومتهمين بتهريب أسلحة ومخدرات ينتمون إلى عشائر لبنانية تسكن القرى المحاذية لريف القصير جنوبي حمص، ما أدى إلى سقوط قتلى في صفوف الطرفين. وردًا على ذلك، أصدر الجيش اللبناني تعليمات صارمة لعناصره بالرد على مصادر النيران السورية، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية جوزيف عون.
حملة أمنية سورية وإجراءات مضادة
في الجانب السوري، أطلقت إدارة أمن الحدود التابعة لوزارة الدفاع السورية حملة أمنية موسعة في قرية حاويك الحدودية، بهدف إغلاق معابر تهريب الأسلحة والمخدرات، وذلك ضمن خطة لتعزيز سيادة القانون ومكافحة الأنشطة غير المشروعة. وأسفرت الحملة عن توقيف عدد من المطلوبين وضبط كميات من الأسلحة والمخدرات، إلا أن العملية لم تخلُ من الاشتباكات، حيث جرى اختطاف عنصرين من القوات السورية أثناء تنفيذ المهمة، قبل أن تتمكن السلطات من تحريرهما في وقت لاحق.
من جهته، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن قوات إدارة العمليات العسكرية السورية نفذت عمليات تمشيط في قرى ريف حمص الغربي، وتحديدًا في مناطق حاويك، بلوزة، الفاضلية، وأكوم، وصولًا إلى الحدود اللبنانية، بهدف طرد المسلحين والمهربين، بمن فيهم شخصيات متورطة في تجارة المخدرات.
مواجهات بين العشائر اللبنانية ومقاتلين سوريين
منذ يوم الخميس الماضي، اندلعت مواجهات شرسة بين مسلحين من العشائر اللبنانية وفصائل سورية، حيث تشير التقارير إلى أن المقاتلين السوريين ينتمون إلى "هيئة تحرير الشام"، وتتهم هذه الفصائل بقصف الأراضي اللبنانية بالصواريخ خلال الاشتباكات الأخيرة.
في المقابل، يواصل الجيش اللبناني تنفيذ ضربات تستهدف مواقع المسلحين السوريين داخل الأراضي السورية، متجاهلًا الاشتباكات التي يخوضها أبناء العشائر ضمن مناطقهم، وفق ما أفاد به مصدر عسكري لبناني سابق. وأوضح المصدر أن المواجهات الجارية تشير إلى غياب "جيش سوري نظامي" قادر على ضبط الحدود، لافتًا إلى أن انهيار الجيش السوري السابق بعد سقوط نظام الأسد تسبب في فراغ أمني كبير داخل سوريا.
تحليل الموقف والخيارات المتاحة
بحسب المصدر العسكري، فإن الجيش اللبناني يرى في المواجهات الحالية تهديدًا مباشرًا للأمن القومي، لا سيما أن الطرف المقابل ليس "جيشًا نظاميًا"، بل فصيلًا مسلحًا يشن هجمات على الداخل اللبناني. ويشير المصدر إلى أنه لو كان الجيش السوري النظامي هو من يتولى عمليات ضبط الحدود، لكان التنسيق الأمني مختلفًا تمامًا.
نتيجة لذلك، قرر الجيش اللبناني استهداف مواقع مدفعية "هيئة تحرير الشام"، معتبرًا أنه يواجه مجموعة مسلحة وليس الدولة السورية، ما يمنحه الصلاحية الكاملة للرد على مصادر النيران. ومع استمرار غياب جيش سوري رسمي متماسك، تبقى احتمالات التصعيد مفتوحة، وسط جهود عسكرية وأمنية لمنع تحول هذه المواجهات إلى نزاع طويل الأمد يؤثر على استقرار الحدود اللبنانية-السورية.