تزايد المخاوف من تأجيل إسرائيل انسحابها وفق الجدول الزمني المحدد
مع اقتراب موعد الثامن عشر من الشهر الحالي، المحدد لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، تتصاعد المخاوف من إمكانية عدم التزام تل أبيب بالجدول الزمني المتفق عليه، خاصة في ظل تزايد الخروقات الإسرائيلية، سواء من حيث الكم أو النوع. وتتذرع إسرائيل بحجج ومبررات جديدة قد تؤخر تنفيذ الانسحاب، مما يثير تساؤلات حول مدى جديتها في الالتزام بالاتفاقات الدولية.
وفي هذا السياق، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد إلياس حنا، أن تقييم مدى التزام إسرائيل بالمهلة المحددة يتطلب النظر في مجموعة من العوامل المتعلقة بقرارات الدولة اللبنانية، سواء على المستوى السياسي أو العسكري. ويتساءل حنا: "هل سيتم تحرير الأراضي المحتلة من خلال القوة العسكرية أم عبر المسار الدبلوماسي؟". وفي حال اختيار الخيار الدبلوماسي، يؤكد أنه يجب على الدولة اللبنانية تنفيذ الاتفاقات التي وقعت عليها، لافتاً إلى أن تفكيك منظومة "حزب الله" في الجنوب لم يكتمل بشكل كامل بعد، كما أن انتشار الجيش اللبناني لا يعني بالضرورة انسحاب عناصر الحزب مع أسلحتهم.
كما يشدد حنا على ضرورة تحديد العقيدة العسكرية للجيش اللبناني في هذه المرحلة، مشيراً إلى إمكانية الاستفادة من تجربة "حزب الله" القتالية، لكنه يؤكد أن ذلك يتطلب رؤية استراتيجية واضحة، وهو ما لا يبدو متوفراً حتى الآن.
أما على الجانب الإسرائيلي، فيشير حنا إلى أن الدمار الذي تسببت به إسرائيل في الجنوب اللبناني لا يتناسب مع أي هدف عسكري محدد، إذ لجأت إلى استخدام أقصى درجات العنف والتدمير ضمن إطار "الردع العقابي"، في محاولة لإبعاد أي تهديد مستقبلي لأراضيها. ويضيف أن إسرائيل لم تحقق بعد هدفها الأساسي المتمثل في إعادة المستوطنين إلى مناطقهم، ولهذا فهي تسعى إلى فرض واقع جديد يضمن استقراراً لسكان المناطق الحدودية، وهو ما يتضح من خلال عمليات التحصين الكبيرة التي تنفذها داخل المستوطنات.
ويشير حنا إلى أن القرار 1701، الذي صدر في أعقاب حرب 2006، أصبح غير مناسب للواقع الحالي، إذ كان يعكس ظروف تلك المرحلة، بينما تغيرت المعطيات بشكل جذري اليوم. ومع ذلك، يبقى هذا القرار نقطة انطلاق قانونية للنظر في مستقبل الأوضاع في جنوب لبنان، مما يفرض ضرورة إعادة تقييمه بما يتلاءم مع المستجدات الراهنة.
