سوريا بعد التحرير.. تحديات الأمن والاقتصاد والكهرباء

رزان الحاج

2025.02.08 - 09:14
Facebook Share
طباعة

 
شهدت سوريا تحولات جذرية بعد زوال النظام السابق، حيث دخلت الفصائل التي قادت عملية التحرير التاريخ باعتبارها محررة للبلاد. ومع ذلك، فإن نشوة الانتصار لا ينبغي أن تغطي على التحديات الداخلية التي تواجهها البلاد في مرحلة ما بعد التحرير، والتي تؤثر على مختلف القطاعات، بدءًا من الأمن وصولًا إلى الاقتصاد والكهرباء.


التحدي الأمني: ضرورة ضبط الأمن وسط الفوضى
تعاني سوريا حاليًا من نقص حاد في القوى الأمنية، حيث لم يعد عدد رجال الأمن كافيًا لتغطية المساحة الشاسعة للبلاد، لا سيما بعد حل الأجهزة الأمنية السابقة وإطلاق سراح العديد من السجناء أثناء عمليات التحرير. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدل الجرائم، بما في ذلك السرقات والمشاكل الأمنية التي يسببها فلول النظام السابق، مما يستدعي تعزيز التواجد الأمني، خاصة على الطرقات وفي الأسواق والمدن.


أزمة الكهرباء: وعود لم تتحقق
كانت التوقعات عالية بشأن تحسين وضع الكهرباء، حيث تم إطلاق العديد من الوعود بتحسين التغذية الكهربائية، لكن الواقع كان مخيبًا للآمال. لم تصل السفن المحملة بالفيول، ولم يتم تنفيذ الخطط التي تحدثت عن تحسين التغذية الكهربائية، ما أدى إلى زيادة التقنين إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على مختلف نواحي الحياة اليومية والاقتصاد.


الاقتصاد: فقر مدقع رغم انخفاض الأسعار
شهد الاقتصاد السوري تغييرات كبيرة، حيث انتشرت البسطات بشكل واسع، مما أدى إلى انخفاض واضح في أسعار السلع. ومع ذلك، فإن هذه الظاهرة لم تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي، بل تفاقمت الأزمة مع تجميد العملة السورية في البنوك، ما أدى إلى ركود اقتصادي حاد. اضطر الكثير من المواطنين إلى بيع مدخراتهم من العملات الأجنبية بأسعار أقل من السعر الرسمي للمصرف المركزي، في ظل ندرة الدولار في السوق الرسمية.
ولأول مرة، أصبح سعر الدولار في السوق السوداء أقل من السعر الرسمي، لكن عند محاولة شراء الدولار من المصرف المركزي، يجد المواطنون أنه "غير متوفر"، ما يزيد من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.


رواتب الموظفين وتسريح العمال: أزمة متفاقمة
يواجه الموظفون في سوريا تأخيرات مستمرة في استلام رواتبهم، بالإضافة إلى فوضى في عمليات التسريح التي تتم دون ضوابط واضحة، ما يخلق حالة من عدم الأمان الوظيفي. وعلى الرغم من الوعود المتكررة بزيادة الرواتب بنسبة 400%، إلا أن هذه الزيادة لم تتحقق، وأصبحت مجرد ملف آخر طُوي دون تنفيذ.


ملاحقة مجرمي الحرب وتجار المخدرات: تساؤلات مشروعة
رغم التأكيدات المستمرة على ملاحقة مجرمي الحرب وتجار الكبتاغون، إلا أن الواقع يعكس صورة مختلفة، حيث لا يزال الكثيرون منهم أحرارًا، بينما تم اعتقال بعضهم وإطلاق سراحهم لاحقًا لأسباب غير واضحة، سواء بسبب دفع كفالات أو رشاوى أو غير ذلك.


المطلوب: إجراءات عاجلة لإنقاذ البلاد
أمام هذه التحديات، يصبح من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين الوضع الداخلي، وأبرزها:
- فرض الأمن بقوة وزيادة عدد الحواجز والدوريات لضبط الأمن في المدن والأسواق.
-توفير الكهرباء بمعدل 10 ساعات يوميًا على الأقل، عبر استجرار الكهرباء من الدول المجاورة كحل إسعافي، كما وعد وزير الكهرباء.
- وضع آليات واضحة لتنظيم عمليات تسريح الموظفين وضمان دفع الرواتب في مواعيدها.
- تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بما يتيح تداول العملة بحرية ويمنع تفاقم الفقر.
- اتخاذ إجراءات صارمة لملاحقة مجرمي الحرب وتجار المخدرات، وضمان عدم الإفلات من العقاب.


البلاد تواجه وضعًا صعبًا، والتحديات تبدو شبه مستحيلة، لكن النجاح في تجاوز هذه المرحلة يعتمد على الإرادة السياسية واتخاذ قرارات حاسمة تلبي تطلعات المواطنين الذين دفعوا ثمنًا باهظًا في سبيل التحرير.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9