مع بدء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، تتجه الأنظار نحو السياسات الخارجية التي ستتبناها إدارته، خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والملف السوري. سوريا، التي شهدت تحولات جذرية بعد سقوط نظام بشار الأسد، أصبحت تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، مما يجعلها ملفاً مختلفاً عما كانت عليه في السابق.
السياسة الأمريكية تجاه سوريا: أولويات متغيرة
من الواضح أن إدارة ترامب لن تضع سوريا في صدارة أولوياتها، لكن ذلك لا يعني تجاهلها تماماً. سوريا، رغم التغييرات الكبيرة التي شهدتها، تبقى مرتبطة بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، مما يجعلها جزءاً من استراتيجية أمريكية أوسع عنوانها النفط والطاقة في شرق المتوسط لعلاقة سورية به، وكذا امن اسرائيل وتوسعها لقضم اراض جديدة من سورية وربما ضم مناطق جنوب سورية بما فيها الدروز الى اسرائيل وهو امر اعلن ترامب انه يرغب به لتوسيع مساحة اسرائيل ووزير خارجية اميركا الجديد روبيو ارسل وفدا التقى الشرع بعد العشرين من الشهر الماضي اثر استلام ترامب لمنصبه وقد اعجبهم مال قاله الشرع عن اسرائيل وقد قيل له ان الاعتراف به ورفع العقوبات مرهون امرهم بملف التطبيع مع اسرائيل وانهاء اي علاقة مع تنظيم القاعدة ومع روسيا وتعميق حظر العودة الى العلاقة مع ايران وحزب الله.
المؤشرات الأولية تشير إلى أن تركيز ترامب سينصب على تقليص التهديدات الإرهابية وتعزيز الاستقرار في المنطقة، لكنه يعتقد ان السيطرة على النفط السوري في شرق البلاد وعلى ثروات الطاقة السورية في البحر وهي غير مستكشفة وهي لقمة سهلة يمكن لاميركا لا لتركيا السيطرة عليها ولن يسمح ترامب لاردوغان بابتلاع النفط السوري وحقول الغاز المتوقعة في البحر خاصة بعد صعود هيئة تحرير الشام إلى السلطة التي تحتاج للاميركيين اكثر مما يمكن للاتراك ان يقدموه لهم في اطار رفع العقوبات واعادة الاعمار..
في هذا السياق، من المتوقع أن تعيد واشنطن تقييم سياستها تجاه سوريا، مع التركيز على ضمان عدم عودة تنظيم داعش أو أي جماعات إرهابية أخرى. كما قد تعيد النظر في دعمها للقوى المحلية التي تعارض هيئة تحرير الشام، خاصة في المناطق التي لا تزال خارج سيطرة الأخيرة.
الملف السوري: بين الاهتمام واللامبالاة
على الرغم من أن سوريا ليست في قمة أولويات ترامب، إلا أن واشنطن لن تنسحب كلياً من هذا الملف. من المرجح أن تتبع الإدارة الأمريكية سياسة تقوم على تقليص التدخل المباشر، مع الحفاظ على وجود محدود يخدم أهدافاً استراتيجية مثل منع تصاعد التهديدات الإرهابية.
في هذا الإطار، قد تعيد واشنطن تموضع قواتها في سوريا، مع الاحتفاظ ببعض القواعد الاستراتيجية مثل قاعدة التنف في البادية السورية وقاعدة خراب الجير في الحسكة. هذه القواعد تخدم أهدافاً أوسع تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه العراق والحد من التهديدات الإرهابية العابرة للحدود.
العلاقة مع الأكراد وتركيا
من المتوقع أن تشهد العلاقة مع القوات الكردية في سوريا (قسد) بعض التغييرات. قد تقلل إدارة ترامب من دعمها المباشر لقسد، خاصة في ظل العلاقة الشخصية القوية بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ومع ذلك، من غير المرجح أن تسمح واشنطن بحل الملف الكردي عبر القوة العسكرية، بل قد تدعم انخراط المكون الكردي في الدولة السورية الجديدة، مع التأكيد على عدم بقائهم ككيان منفصل عن الدولة.
التعامل مع هيئة تحرير الشام
فيما يتعلق بالتعامل مع هيئة تحرير الشام، التي تسيطر الآن على جزء كبير من سوريا، من غير المتوقع أن تشهد العلاقات الأمريكية-السورية تحولاً جذرياً. قد تتفاعل إدارة ترامب مع الجهود الإقليمية التي تقودها دول مثل السعودية وتركيا وقطر لتحقيق الاستقرار في سوريا، مما قد يؤدي إلى بعض الإعفاءات من العقوبات. لكن رفع العقوبات بشكل كامل أو إزالة هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية يبقى أمراً صعباً، إذ سيعتمد على مدى استعداد الهيئة للانخراط في عملية سياسية حقيقية للتطبيع مع اسرائيل.
السيناريوهات المحتملة
ترامب، بصفته شخصية غير تقليدية، يصعب التنبؤ بخطواته بدقة. ومع ذلك، يمكن توقع أن إدارته ستتعاطى مع سوريا بشكل براغماتي. إذا استطاعت هيئة تحرير الشام إثبات فعاليتها في الانخراط في التطبيع مع اسرائيل وفي منع عودة ايران لتسليح حماس و حزب الله من خلال استخدام الاراض السورية للتهريب.
.
كيف سيتصرف ترامب مع الثروات السورية في المتوسط؟؟
1. الاهتمام الأمريكي بثروات شرق المتوسط:
شرق المتوسط يعتبر منطقة استراتيجية بسبب احتياطياتها الكبيرة من الغاز والنفط. الولايات المتحدة، تحت إدارة ترامب، ستكون حريصة على تعزيز مصالحها الاقتصادية في المنطقة، خاصة في ظل التنافس مع قوى أخرى مثل روسيا والصين وتركيا. سوريا، رغم ضعفها تحت حكم أحمد الشرع، تمتلك جزءاً من هذه الثروات، مما يجعلها هدفاً محتملاً للاستثمارات الأمريكية أو للسيطرة غير المباشرة.
2. الاستفادة من ضعف سوريا:
في ظل حكومة ضعيفة مثل حكومة أحمد الشرع، قد تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في سوريا من خلال دعم الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع الطاقة شرق البلاد وفي المياه الاقليمية وهذا يتطلب اجبار الشرع على اخراج القوات الروسية من سورية وايضا على اخراج حكومة الشرع من مظلة النفوذ والسيطرة التركية. قد تعمل واشنطن على إبرام اتفاقيات مع الحكومة السورية أو مع القوى المحلية المتحالفة معها للوصول إلى هذه الثروات.
3. الدور الأمريكي في تعزيز الاستقرار:
للاستفادة من الثروات السورية، تحتاج الولايات المتحدة إلى بيئة مستقرة نسبياً في سوريا. لذلك، قد تدفع واشنطن نحو تعزيز الاستقرار في المناطق الساحلية السورية، حيث تتركز الثروات النفطية والغازية. هذا قد يشمل دعم مشاريع إعادة الإعمار أو توفير الحماية الأمنية للمنشآت النفطية والغازية.
4. التعاون مع الحلفاء الإقليميين:
من المرجح أن تتعاون إدارة ترامب مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل وقبرص واليونان لتعزيز نفوذها في شرق المتوسط. هذه الدول لديها مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة في استغلال ثروات المنطقة، وقد تشكل تحالفات لضمان عدم سيطرة قوى معادية على هذه الثروات. في هذا السياق، قد تعمل واشنطن على دعم مشاريع مشتركة بين هذه الدول وسوريا، خاصة إذا كانت حكومة أحمد الشرع مستعدة للتعاون.
5. الضغط على الحكومة السورية:
قد تستخدم إدارة ترامب العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط على حكومة أحمد الشرع للسماح للشركات الأمريكية بالوصول إلى الثروات السورية. في الوقت نفسه، قد تقدم واشنطن إغراءات مثل الإعفاءات من العقوبات أو المساعدات الاقتصادية مقابل تعاون الحكومة السورية في هذا المجال.
6. التحديات المحتملة:
رغم الفرص المتاحة، فإن تعامل ترامب مع الثروات السورية لن يخلو من التحديات. أولاً، هناك تنافس كبير من قبل قوى إقليمية مثل تركيا، التي لديها طموحات في شرق المتوسط وقد تعارض النفوذ الأمريكي. ثانياً، الوضع الأمني غير المستقر في سوريا قد يعيق الاستثمارات الأمريكية. أخيراً، قد تواجه واشنطن انتقادات دولية إذا بدت وكأنها تستغل ضعف سوريا لتحقيق مكاسب اقتصادية.
7. السيناريوهات المحتملة:
سيناريو التعاون: إذا تعاونت حكومة أحمد الشرع مع الولايات المتحدة، فقد تشهد سوريا استثمارات أمريكية في قطاع الطاقة، مما يعزز الاقتصاد السوري ويوفر فرص عمل.
سيناريو الصراع: إذا رفضت الحكومة السورية التعاون أو إذا تصاعد التنافس الإقليمي، قد تشهد المنطقة صراعات جديدة حول الثروات السورية.
سيناريو الوساطة: قد تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط بين سوريا ودول الجوار لتقاسم الثروات بشكل عادل، مما يعزز الاستقرار في المنطقة.
هذا السيناريو يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية، والدبلوماسية، والاستفادة من الوضع الداخلي السوري.
الضغوط الاقتصادية:
العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا هي واحدة من أقوى الأدوات التي تمتلكها واشنطن لإجبار حكومة أحمد الشرع على قبول التطبيع مع إسرائيل. يمكن لإدارة ترامب استخدام هذه العقوبات كعصا وجزرة:
العصا: الإبقاء على العقوبات المشددة، والتي تعيق أي محاولة لإعادة إعمار سوريا أو جذب الاستثمارات الخارجية.
الجزرة: تقديم إعفاءات تدريجية من العقوبات مقابل خطوات نحو التطبيع، مثل السماح بفتح مكاتب تجارية إسرائيلية في سوريا أو السماح بمرور البضائع الإسرائيلية عبر الحدود.
الدعم الدولي والإقليمي:
قد تعمل إدارة ترامب على حشد دعم دولي وإقليمي لفرض التطبيع على سوريا. هذا يشمل:
التنسيق مع الحلفاء: العمل مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، اللتين وقعتا على اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، لإقناع حكومة أحمد الشرع بأن التطبيع هو اتجاه إقليمي لا مفر منه.
الضغط عبر المنظمات الدولية: استخدام منصات مثل الأمم المتحدة أو صندوق النقد الدولي لتقديم حوافز اقتصادية مقابل التطبيع.
الاستفادة من الوضع الداخلي السوري:
حكومة أحمد الشرع تواجه تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك الفقر والبطالة وتدهور البنية التحتية. يمكن لإدارة ترامب استغلال هذا الوضع:
عروض المساعدات الاقتصادية: تقديم مساعدات مالية أو مشاريع إعادة إعمار مقابل خطوات نحو التطبيع.
دعم القوى المحلية: العمل مع فصائل أو شخصيات داخل سوريا تدعم التطبيع مع إسرائيل، مما يزيد الضغط على حكومة أحمد الشرع.
الدبلوماسية السرية:
قد تلجأ إدارة ترامب إلى الدبلوماسية السرية لإقناع حكومة أحمد الشرع بقبول التطبيع. هذا يشمل:
مفاوضات غير مباشرة: استخدام وسيط إقليمي أو دولي لإجراء مفاوضات بين سوريا وإسرائيل.
عروض سرية: تقديم وعود بسرية، مثل دعم بقاء حكومة أحمد الشرع في السلطة مقابل التطبيع.
______________
التهديدات الأمنية:
قد تستخدم إدارة ترامب التهديدات الأمنية كأداة للضغط:
زيادة الوجود العسكري: تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة كتذكير بقوة واشنطن.
دعم المعارضة: تقديم دعم غير مباشر لفصائل معارضة لحكومة أحمد الشرع، مما يزيد من الضغط عليها.
______________
الحوافز الاقتصادية:
قد تقدم إدارة ترامب حوافز اقتصادية كبيرة لإقناع حكومة أحمد الشرع بقبول التطبيع:
الاستثمارات الأمريكية: السماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في سوريا، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
الوصول إلى الأسواق الدولية: مساعدة سوريا في إعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي، مما يعزز فرص النمو الاقتصادي.
السيناريوهات المحتملة:
سيناريو النجاح: إذا قبلت حكومة أحمد الشرع التطبيع، قد تشهد سوريا رفعاً تدريجياً للعقوبات وزيادة في الاستثمارات الخارجية، مما يعزز استقرارها الاقتصادي.
سيناريو الفشل: إذا رفضت الحكومة السورية التطبيع، قد تشهد سوريا استمرار العقوبات وتدهوراً أكبر في الوضع الاقتصادي، مما يزيد من الضغط الشعبي على الحكومة.
سيناريو الوساطة: قد تلعب دول إقليمية مثل قطر أو مصر دور الوسيط لإقناع حكومة أحمد الشرع بقبول التطبيع مقابل وعود اقتصادية وسياسية.