في تصريحات لافتة للنظر، قالت إلهام أحمد، المسؤولة عن العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق سوريا، إن "أمن سوريا يحتاج إلى تدخل إسرائيل". هذه التصريحات، التي جاءت خلال مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أثارت تساؤلات حول طبيعة العلاقات بين إسرائيل والأكراد في سوريا، وتأثيرها المحتمل على مستقبل المنطقة.
تاريخ العلاقات الإسرائيلية مع أكراد سوريا
العلاقات بين إسرائيل والأكراد في سوريا ليست جديدة، بل تعود إلى عقود مضت. إسرائيل، التي ترى في الأكراد حليفاً استراتيجياً في منطقة يسيطر عليها أعداء تقليديون لها، دعمت الأكراد في عدة مراحل تاريخية:
الستينيات والسبعينيات: خلال هذه الفترة، دعمت إسرائيل الأكراد في العراق كجزء من استراتيجيتها لمواجهة النظام العراقي الذي كان معادياً لها. هذا الدعم شمل تقديم المساعدات العسكرية والتدريب.
الحرب الأهلية السورية: مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، وجدت إسرائيل في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يهيمن عليها الأكراد، حليفاً طبيعياً في مواجهة تنظيم داعش والنظام السوري. قدمت إسرائيل دعماً غير مباشر للأكراد، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والاستخباراتية.
العلاقات السرية: على الرغم من عدم وجود اعتراف رسمي، تشير تقارير إلى وجود اتصالات سرية بين إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية، خاصة في المناطق الحدودية مع العراق، حيث توجد مصالح أمنية مشتركة.
تصريحات إلهام أحمد: تحليل
تصريحات إلهام أحمد تعكس رؤية الإدارة الذاتية الكردية لدور إسرائيل في المنطقة. قولها إن "أمن سوريا يحتاج إلى تدخل إسرائيل" يشير إلى أن الأكراد يرون في إسرائيل شريكاً يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار في سوريا، خاصة في ظل الانقسامات العسكرية والإدارية التي تعاني منها البلاد.
أحمد أشارت أيضاً إلى أن محاولة توحيد سوريا تحت نظام مركزي قد يؤدي إلى حرب أهلية، وهو ما يعكس رؤية الأكراد لضرورة وجود نظام لا مركزي يحافظ على حقوق المكونات المختلفة في سوريا، بما في ذلك الأكراد.
موقف الإدارة الذاتية من القضايا الإقليمية
هيئة تحرير الشام: أبدت أحمد معارضتها لشطب هيئة تحرير الشام من قائمة التنظيمات الإرهابية، وهو موقف يتوافق مع الرؤية الإسرائيلية التي ترى في هذه الجماعة تهديداً أمنياً.
دمج قسد في الجيش السوري: قالت أحمد إن قوات سوريا الديمقراطية يمكن أن تكون جزءاً من الجيش السوري الرسمي، لكنها أشارت إلى ضرورة أن يكون لها وضع خاص ومشاركة في قيادة الجيش. هذا الموقف يعكس رغبة الأكراد في الحفاظ على هويتهم العسكرية والسياسية ضمن أي ترتيبات مستقبلية.
توقعات الخبراء لمستقبل العلاقات الإسرائيلية مع أكراد سوريا
تعزيز التعاون الأمني: يتوقع الخبراء أن تستمر إسرائيل في دعم الأكراد في سوريا كجزء من استراتيجيتها لمواجهة التهديدات الإيرانية والتركية في المنطقة. هذا الدعم قد يشمل تقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية.
دور إسرائيل في إعادة الإعمار: مع انحسار الحرب في سوريا، قد تلعب إسرائيل دوراً في إعادة إعمار المناطق الكردية، خاصة إذا كانت هناك فرص للاستثمار في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية.
التحديات السياسية: رغم المصالح المشتركة، فإن العلاقات العلنية بين إسرائيل والأكراد ستواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل المعارضة التركية والعربية لأي تقارب إسرائيلي-كردي.
السيناريوهات المحتملة:
سيناريو التعاون: إذا نجحت إسرائيل والأكراد في تعزيز تحالفهما، فقد يشكل ذلك قوة موازنة للنفوذ الإيراني والتركي في سوريا.
سيناريو التوتر: إذا تصاعدت الضغوط الإقليمية، قد تضطر إسرائيل إلى تقليص دعمها للأكراد لتجنب مواجهة مباشرة مع تركيا أو إيران.