لماذا تم الإعلان عن مؤتمر انتصار الثورة السورية بهذا التوقيت؟ وما تأثيراته؟

وكالة أنباء آسيا

2025.02.01 - 09:37
Facebook Share
طباعة

 شهد يوم 29 كانون الثاني/ يناير 2025 حدثًا تاريخيًا هامًا في سوريا، حيث عقدت الإدارة السورية الجديدة مؤتمرًا رسميًا للإعلان عن انتصار الثورة السورية، حيث شارك في هذا المؤتمر قادة الفصائل العسكرية، باستثناء قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، إضافة إلى كبار المسؤولين في الإدارة السورية الجديدة، وألقى القادة والمسؤولون كلمات متتابعة، كان أبرزها كلمة القائد العامّ للإدارة أحمد الشرع، الذي حدد الأولويات التي ستعمل عليها الإدارة خلال المرحلة المقبلة.


يعتبر المؤتمر نقطة تحول رئيسية، حيث انتقلت الإدارة السورية الجديدة من مرحلة المفاوضات وإرسال واستقبال الرسائل السياسية إلى مرحلة العمل التنفيذي، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات وتفاهمات مع الحلفاء الدوليين والإقليميين، بما يمنحها شرعية أكبر على المستويين الداخلي والخارجي، ولقد تمكنت بالفعل من تحقيق أولوياتها الأولية عبر إحكام السيطرة على السلطة الرسمية، مما سيساهم في بسط الأمن الداخلي وتعزيز الاستقرار، إلى جانب الشروع في بناء مؤسسات الدولة بطريقة منظمة.


وكان من المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الإجراءات من خلال مؤتمر وطني عامّ، إلا أن الإدارة الجديدة وجدت أن الظروف غير مواتية لذلك، خاصة في ظل عدم قدرة مختلف المكونات على تشكيل وفود موحدة تمثلها، وعدم التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ومع ذلك، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الفصائل المسلحة لحلّ نفسها والانضمام إلى الجيش الوطني الجديد كان خطوة كافية لتبرير عقد المؤتمر، حيث ستسهم هذه القرارات في تحقيق الأولويات التي حددها أحمد الشرع.


ومن الأسباب التي دفعت الإدارة إلى عقد المؤتمر بشكل عاجل أيضًا هو اقتراب موعد إحاطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن، والمقرر تقديمها يوم 30 كانون الثاني/ يناير 2025 من دمشق، وترى الإدارة السورية الجديدة أن الدور الذي كانت تلعبه الأمم المتحدة عبر مبعوثها قد انتهى، معتبرةً أن استمرار تدخلها في مسألة الدستور أو الانتخابات سيكون بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية السورية، وهو أمر مرفوض بالنسبة للإدارة الجديدة، التي حرصت على التأكيد من خلال المؤتمر على حلّ جميع الأجسام السياسية الثورية، بما في ذلك هيئة التفاوض السورية.


كان تأخير عقد المؤتمر سيؤدي إلى تفاقم الوضع السوري، وخلق حالة من الفوضى الأمنية، وتشجيع بعض القوى السياسية والعسكرية على عدم الاندماج في سلطة الحكم الجديدة، فضلًا عن فتح المجال أمام تدخلات خارجية تهدف إلى فرض شروط على الإدارة الجديدة، سواء من خلال الاستثمار في بعض القوى المحلية أو دعم معارضين للحكم الجديد.


من أبرز الآثار الإيجابية التي بدأت تظهر فور انعقاد المؤتمر هو تمكّن رئيس الجمهورية الجديد وحكومته من إبرام شراكات أمنية وعسكرية مع الدول الصديقة، إلى جانب اتفاقيات اقتصادية تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان. وعلى المستوى الإقليمي والدولي، ستسعى سوريا الجديدة إلى الدخول في تحالفات لضمان الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى إعادة بناء الدولة وفق رؤية حديثة تضمن الاستقرار والتنمية المستدامة.


وكان قد أكد الشرع في خطابه أن الأولويات الأساسية تشمل ملء الفراغ في السلطة لضمان عدم حدوث فوضى أو فراغ إداري، بالإضافة إلى الحفاظ على السلم الأهلي وتعزيز الأمن الداخلي، مع التركيز على بناء مؤسسات الدولة على أسس دستورية وقانونية صحيحة، كما أشار إلى أهمية وضع أسس لبنية اقتصادية تنموية من شأنها تحسين الظروف المعيشية للسكان، إلى جانب استعادة مكانة سوريا على الساحة الدولية والإقليمية عبر سياسات متوازنة وتحالفات استراتيجية.


وجاءت مخرجات المؤتمر متجسدة في كلمة الناطق الرسمي باسم إدارة العمليات العسكرية العقيد حسن عبد الغني، حيث أعلن أن يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر سيكون يومًا وطنيًا لسوريا، باعتباره تاريخ الانتصار الرسمي للثورة. كما تم الإعلان عن مجموعة من القرارات المصيرية، من بينها إلغاء دستور 2012، ووقف العمل بجميع القوانين الاستثنائية التي كانت سارية خلال النظام السابق، وحلّ مجلس الشعب ولجانه المختلفة، إلى جانب حلّ الجيش التابع للنظام السابق وإعادة بنائه على أسس وطنية. كما شملت القرارات حلّ كافة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام القديم واستبدالها بمؤسسة أمنية جديدة تضمن أمن المواطنين وحقوقهم.


ومن بين القرارات التي تم اتخاذها أيضًا حلّ حزب البعث العربي الاشتراكي، إضافة إلى الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة الوطنية التقدمية، وحظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر. كما تقرر حلّ جميع الفصائل العسكرية والأجسام السياسية والمدنية الثورية ودمجها في مؤسسات الدولة الجديدة. وأُعلن رسميًا عن تولي أحمد الشرع منصب رئيس البلاد في المرحلة الانتقالية، حيث سيضطلع بمهام رئاسة الجمهورية وتمثيل سوريا في المحافل الدولية، إلى جانب تفويضه بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت إلى حين اعتماد دستور جديد للبلاد.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8