إسرائيل ودورها المزعزع لقيم الحضارة الغربية

رزان الحاج

2025.01.28 - 01:09
Facebook Share
طباعة

 في أحد التحليلات الإعلامية السابقة، تم تناول الأسباب التي جعلت الغرب يقدم دعمًا هائلًا لإسرائيل، باعتبارها كانت تُعتبر طليعة لمشروعه الحضاري في الشرق الأوسط، ومع مرور الوقت، تحولت هذه الدولة إلى عبء ثقيل على الغرب، مهددة بقيمه الإنسانية والحضارية التي كان يسعى لنقلها إلى المنطقة العربية.


الحضارة الإسلامية، التي تملك رصيدًا أخلاقيًا ومعرفيًا قديمًا، كانت على استعداد لاستقبال الحضارة الغربية وتعزيزها، فقد قدمت العديد من الإسهامات العلمية والمعرفية التي أثرت في تطور الغرب، مما كان يمكن أن يثمر عن تزاوج حضاري بين الشرق والغرب، لكن المشروع الإسرائيلي، بفكرته الإيديولوجية الدينية المبنية على الكراهية ورفض الآخر، حوّل إسرائيل من طليعة للمشروع الغربي إلى حاجز نفسي بين الحضارات، مما عرقل إمكانيات تلاقيها.


تحولت إسرائيل من أداة دعم للغرب إلى عبء أخلاقي ثقيل، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أصبحت الدول الغربية أكثر حساسية تجاه قضايا الإبادة الجماعية، ورغم أن الغرب كان يتدخل في قضايا الإبادة في البلقان، إلا أنه في حالة إسرائيل، كان التبرير لتصرفاتها يظل حاضرًا، بل غالبًا ما يكون مرفقًا باللامبالاة.


كان الغرب، وخصوصًا أمريكا، يلعب دورًا محوريًا في دعم إسرائيل، خاصة في الحروب الأخيرة التي ارتكبت فيها إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. هذا الدعم غير المشروط لإسرائيل زاد من الشكوك حول مصداقية الغرب في تقديم نفسه كمدافع عن حقوق الإنسان، خاصة في ظل التغطية الإعلامية والتبريرات التي كانت تروج لتلك الممارسات.


علاوة على ذلك، تُظهر السياسات الغربية ازدواجية في التعامل مع الديمقراطية والأنظمة في العالم العربي. فبينما تدعي الحضارة الغربية دعمها للديمقراطية في الدول العربية، كانت تغض الطرف عن الأنظمة المستبدة التي تقاوم صعود القيادات الديمقراطية التي ترفض إسرائيل. هذه السياسات، التي تراها بعض الدول العربية متناقضة، أسهمت في خلق بيئة غير مستقرة في المنطقة، وتسببت في تصاعد مشاريع أخرى.


يعد الدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل في حربها ضد غزة من أبرز الأمثلة على هذا التناقض، حيث سعت أمريكا إلى حماية إسرائيل حتى على حساب تفكيك مؤسسات القانون الدولي، في تناقض صارخ مع القيم التي تأسست عليها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.


اليوم، تحولت إسرائيل إلى عبء أخلاقي على الحضارة الغربية، وأصبح من الضروري أن تعيد هذه الحضارة النظر في مواقفها، إذا ما تخلت عن دعم إسرائيل، فقد تساهم في حل النزاع الفلسطيني وتعيد الحقوق لأصحابها الأصليين، وتفتح المجال لبناء علاقات مع الحضارة الإسلامية والشعوب العربية، بما يعزز الاستقرار والنهوض الإنساني في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 9