على الرغم من الانشغال الشعبي والسياسي بما يجري في الجنوب من مساعٍ للمواطنين للعودة إلى قراهم، لم تتوقف المحاولات لتشكيل الحكومة اللبنانية. ويبدو أن الرئيس المكلف نواف سلام يسعى إلى حسم مسودة توزيع الحقائب الوزارية خلال أيام قليلة، مستندًا إلى التزامه بالعمل بهدوء وروية بعيدًا عن الضوضاء الإعلامية.
وأكدت مصادر مطلعة أن لقاء الرئيس المكلف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري جرى في أجواء إيجابية أظهرت استعدادًا للتعاون، كما أوضحت المصادر أن التشكيل يتم ضمن إطار صيغة حكومة من 24 وزيرًا تراعي التوزيع الطائفي وفق الدستور، دون أن يتم الاستقرار حتى الآن على أسماء محددة للحقائب.
التحديات السياسية والخلافات على الحصص
أظهرت المشاورات المتواصلة تحديات كبيرة، خصوصًا في ظل الخلافات على الحصص الوزارية، فـ"القوات اللبنانية" تطالب بأربع حقائب وزارية، فيما يتمسك "التيار الوطني الحر" بعدد مماثل على أساس كتلته النيابية السابقة لاستقالة خمسة من نوابه، كذلك، ثمة خلاف حول وزارة المالية التي يرفض الرئيس بري أن يتولى الرئيس المكلف اختيار وزيرها منفردًا.
كما أن وزارة الصحة أصبحت موضوع جدل، حيث تشير تقارير إلى محاولات لإسنادها إلى تيار "المردة" بدلاً من "حـ.ـزب الله" بهدف ضمان استمرار المساعدات الخارجية، وفي المقابل، تشهد وزارة الداخلية انقسامًا سنّيًا حول من يستحق تسلمها، مع وجود مطالبات من نواب الشمال بأن تكون لشخصية شمالية، بينما يرى نواب بيروت أنها يجب أن تُسند إلى شخصية بيروتية.
موقف الرئيس عون ودور الجيش
برز حديث منسوب إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون يؤكد ضرورة تسريع تشكيل الحكومة، حيث اعتبر أن الشعب "شبع من النظريات"، وهو ما دفع البعض إلى تفسير هذه الرسالة على أنها موجهة للرئيس المكلف. وفي المقابل، يواصل سلام الدفاع عن رؤيته الإصلاحية، محاولًا التوفيق بين طموحاته والتوازنات السياسية.
تحركات مكثفة واتصالات بعيدة عن الإعلام
زار الرئيس المكلف قصر بعبدا ويتوقع أن يعود لإعلان مراسيم التشكيل خلال 48 ساعة، كما عقد لقاءات بعيدة عن الإعلام مع ممثلي الأحزاب، أبرزها مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وقيادات من "حـ.ـزب الله" وحركة "أمل". ووفق مصادر مطلعة، فإن سلام يتمسك بمبادئ أساسية، منها فصل النيابة عن الوزارة ورفض توزير شخصيات تعتزم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة.
رغم الزخم الدولي الداعم للتشكيل، تشير التقديرات إلى أن الخلافات قد تعرقل التقدم، وبينما يراهن الرئيس المكلف على المضي قدمًا بحكومة لا ترضي جميع الأطراف، تزداد الضغوط الشعبية والسياسية لتجاوز العقبات سريعًا.