النهج المحتمل لإدارة ترامب تجاه سوريا: تحليل وتوقعات

وكالة أنباء آسيا

2025.01.26 - 10:46
Facebook Share
طباعة

 تتوجه الأنظار نحو السياسات الخارجية التي سيعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الجديدة التي بدأت رسميًا في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، هذه السياسات سيكون لها تأثير كبير على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وعلى الملف السوري بشكل خاص.


إن الملف السوري يعد من بين أكثر القضايا تعقيدًا في الشرق الأوسط، ولا يمكن حصرها في مسألة سقوط نظام الأسد، رغم كونه العقدة الرئيسية، فالأوضاع في سوريا لا تتعلق فقط بالأزمة الداخلية، بل هي جزء من شبكة أوسع من التفاعلات الإقليمية والدولية، وبالتالي، يمكن التنبؤ بأن إدارة ترامب ستولي اهتمامًا خاصًا للملف السوري، لكن ليس بالدرجة نفسها التي كانت عليها في فترات سابقة.


أولويات سياسة إدارة ترامب في الشرق الأوسط
تشير المؤشرات الأولى للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب إلى أنه سيركز على سياسة "الضغط القصوى" ضد إيران، هذا يشمل محاولة تقليص نفوذ إيران في المنطقة، ولا سيما في العراق واليمن، وبعد أدائه القسم الرئاسي مباشرة، أعاد ترامب إدراج جماعة الحوثي اليمنية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، كما أن فريقه بدأ التعامل مع الملف العراقي مبكرًا، حيث وجه رسائل لحكومة العراق تدعو إلى دمج فصائل الحشد الشعبي في مؤسسات الجيش، بهدف تقليص قدرة إيران على المناورة في العراق.


في سياق هذه السياسة، يتوقع أن تكون سوريا ضمن أولويات أقل إلحاحًا لإدارة ترامب، ورغم ذلك، من المحتمل أن تواصل الإدارة الأمريكية تأثيرها على الملف السوري لتحقيق أهداف محددة، مثل ضمان عدم عودة النفوذ الإيراني أو العمل على اتفاقيات سلام قد تسهم في الحفاظ على استقرار المنطقة في المستقبل، هذه الخطوات ستكون مدفوعة بأولويات أخرى مثل مواجهة التهديدات القادمة من الصين.


دور الحليف التركي في السياسة الأمريكية
من المتوقع أن يكون التفاعل الأمريكي مع الملف السوري مرتبطًا بعلاقة ترامب الوثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا يعني أن إدارة ترامب قد تقلل الدعم المقدم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكنها في الوقت نفسه قد لا تتبنى سياسة عسكرية صارمة لحل النزاع، بدلاً من ذلك، قد تدعم إندماج المكوّن الكردي ضمن الدولة السورية بطريقة تضمن عدم بقائهم في وضع متمايز عن باقي أجزاء الدولة السورية، ومن المحتمل أن يقتصر هذا الاستثناء على بعض القوات المرتبطة بمكافحة الإرهاب.


إعادة تموضع القوات الأمريكية في سوريا
على الرغم من وجود احتمالية أن لا تسحب الولايات المتحدة قواتها بالكامل من سوريا، إلا أن هناك فرصة لإعادة تموضع القوات الأمريكية في مناطق استراتيجية، ومن المحتمل أن تحتفظ الولايات المتحدة بعدد من القواعد العسكرية على الحدود السورية العراقية، مثل قاعدة التنف في البادية السورية، وقاعدة خراب الجير في الحسكة، نظرًا لأهميتهما في السياسة الأمريكية تجاه العراق.


سياسة العقوبات والتفاعل مع دمشق
فيما يتعلق بالتفاعل مع الحكومة السورية في دمشق، من المتوقع أن تتجاوب إدارة ترامب مع الجهود الإقليمية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، والتي تقودها حاليًا دول مثل السعودية وتركيا وقطر، وهذه التوجهات قد تؤدي إلى تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا. إلا أن إزالة هيئة تحـــرير الشــام من قائمة المنظمات الإرهابية أو إلغاء العقوبات بشكل كامل لن يكون أمرًا سهلًا، ويعتمد الموقف الأمريكي في هذا الشأن على مدى استعداد الحكومة السورية في دمشق للتفاعل مع المجتمع الدولي، وتعزيز الحياة السياسية لجميع أطياف الشعب السوري، بالإضافة إلى التزامها برؤية ترامب للشرق الأوسط.


التوقعات المستقبلية
ترامب شخصية غير تقليدية، ومن الصعب التنبؤ بتوجهاته المستقبلية بشكل دقيق، وقد تظهر إدارته مواقف إيجابية تجاه الحكومة السورية في حال أثبتت دمشق قدرة على منع ظهور تنظيم داعـــ.ـش مجددًا. ومع ذلك، من غير المتوقع أن تتبع إدارة ترامب سياسة منفتحة بشكل كبير تجاه دمشق، وذلك بسبب رؤيته السلبية تجاه الحركات الإسلامية عمومًا، وفريقه الذي يتبنى هذا التوجه.


بناءً على هذه العوامل، من المحتمل أن تسير السياسة الأمريكية في سوريا على نحو أكثر توازنًا، إذ ستسعى إدارة ترامب إلى تحقيق استقرار في المنطقة، ولكن دون الانخراط بشكل مباشر في الصراع السوري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5