لبنان إلى أين مع تعثر الانسحاب الإسرائيلي

احمد درويش

2025.01.26 - 09:06
Facebook Share
طباعة

 تعثر تشكيل الحكومة وتأجيل الانسحاب الإسرائيلي: وجهان لقرار أمريكي واحد
بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، دخل لبنان مرحلة جديدة ترافقها تحديات معقدة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وفي الوقت الذي يطوي فيه الرئيس المكلف أسبوعه الثاني، يستمر انسداد أفق تشكيل الحكومة بالتزامن مع انتهاء مهلة الستين يوماً لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل دون انسحاب الأخيرة من الأراضي اللبنانية.

 

تعقيدات داخلية: مناكفات سياسية وضغوط خارجية

يعاني تشكيل الحكومة من مأزق بسبب الشروط المتبادلة بين الأطراف السياسية، إلى جانب التدخلات الخارجية. ورغم نجاح الرئيس سلام في تحقيق تفاهم مبدئي مع الثنائي الشيعي حول التمثيل الحكومي، سرعان ما انهالت عليه ضغوط لإفشال هذا التفاهم، تقودها الإدارة الأمريكية التي تدير اللعبة من وراء الكواليس.

في موازاة ذلك، بدأت بعض القوى السياسية المحلية بطرح فكرة تشكيل حكومة "أمر واقع" دون مشاركة الثنائي الشيعي، ما ينذر بتداعيات خطيرة على الاستقرار الداخلي، خاصة إذا أُخذت تجربة الحرب الأهلية في الاعتبار.


الجنوب اللبناني: مهلة مفتوحة للتدمير الإسرائيلي
في الجانب الأمني، تواصل إسرائيل سياسة المماطلة والتصعيد في الجنوب. فبدلاً من الانسحاب وفق الاتفاق، رصدت لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز أكثر من 600 خرق إسرائيلي. تضمنت هذه الخروقات قصفاً بالطائرات المسيّرة والحربية، وعمليات توغل، وتدميراً ممنهجاً للبنية التحتية، بما في ذلك حرق المنازل ودور العبادة، وجرف الطرقات.
هذا النهج الإسرائيلي يعكس استراتيجية واضحة لاستكمال تدمير معالم الحياة في الجنوب، وسط غياب أي تحرك دولي جدي لفرض التزام إسرائيل بالاتفاق.


الربط بين تعثر الحكومة وتأجيل الانسحاب
من الواضح أن تعثر تشكيل الحكومة مرتبط بتعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. فالولايات المتحدة، التي كانت الراعي الأساسي لكلا الملفين، ترى في تأجيل الانسحاب الإسرائيلي فرصة للضغط على المقاومة. هذا النهج يهدف إلى إضعاف قدرة حزب الله وحلفائه، ليس فقط عسكرياً، بل أيضاً سياسياً واقتصادياً، عبر تعطيل عمل الحكومة وفرض حصار مالي وهو ما يتناغم معه قوى داخلية موالية للاميركيين وللسعوديين وقد تلقت تلك القوى بحسب مصادر تشجيعا سعوديا موافقا على الاهداف الاميركية ومتطابقة معها
التداعيات المتوقعة: مرحلة عدم استقرار داخلي
في ظل هذا الوضع، تبرز عدة سيناريوهات:
1. استمرار المماطلة: تأجيل الانسحاب الإسرائيلي وتمديد مهلة وقف إطلاق النار سيفتح المجال أمام مزيد من التدمير في الجنوب، مع محاولات لضرب بيئة المقاومة الحاضنة.
2. تعثر تشكيل الحكومة: إذا استمرت الضغوط على الرئيس المكلف وفشل في تشكيل حكومة جامعة، فإن خيار حكومة الأمر الواقع قد يؤدي إلى احتجاجات وعدم استقرار داخلي.
3. تصعيد المقاومة: في حال استنفدت الدولة اللبنانية خياراتها، قد تجد المقاومة نفسها مضطرة للرد على الخروقات الإسرائيلية، مما قد يعيد فتح جبهة الجنوب.


اختبار للمرحلة المقبلة
يعكس المشهد الحالي صراعاً متشابكاً بين الداخل اللبناني والخارج. فالولايات المتحدة، التي تدير خيوط اللعبة، تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بإضعاف المقاومة وخدمة المصالح الإسرائيلية. ومع ذلك، يبدو أن هذه السياسة ستضع لبنان على أعتاب مرحلة جديدة من التحديات السياسية والأمنية، قد يكون من الصعب تجاوزها دون توافق داخلي وإرادة سياسية مستقلة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8