تواجه لبنان أزمة دبلوماسية معقدة بسبب تأخير "إسرائيل" في الانسحاب من المناطق الجنوبية اللبنانية، على الرغم من انتهاء مهلة الستين يومًا التي حددها اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين. فهذا التأخير يشكل اختبارًا صعبًا للعهد اللبناني الجديد في أسابيعه الأولى، إذ يضع الحكومة اللبنانية أمام تحديات كبيرة لإلزام "إسرائيل" بالانسحاب الكامل وفقًا للاتفاق.
مع تصاعد القلق اللبناني بشأن هذا التأخير، كثف المسؤولون اللبنانيون جهودهم الدبلوماسية للتصدي لهذا التحدي، وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، تدخل الولايات المتحدة لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 وانسحاب القوات الإسرائيلية.
وذكرت صحيفة "النهار" أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث، إذ تنتظر لبنان موقفًا دوليًا ضاغطًا على "إسرائيل" لتطبيق الاتفاق، ويثير ذلك تساؤلات حول مدى قدرة الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب على معالجة هذا الملف في ظل ترددات متكررة حول دورها في صياغة الاتفاق بالتعاون مع الإدارة السابقة.
وأصدرت قيادة الجيش بيانًا يدعو الأهالي إلى التريث في العودة إلى القرى المحتلة حفاظًا على سلامتهم، مشيرةً إلى أن الأرض لا تزال غير جاهزة بسبب عمليات المسح وإزالة مخلفات الاحتلال، من جانبه، صرح مصدر في "حـ.ـزب الله" أن المقاومة جاهزة للرد في حال استمرار الاحتلال.
وأشارت صحيفة "الأخبار" إلى أن الإدارة الأميركية وافقت على طلب "إسرائيل" بتمديد وجود قواتها لفترة قصيرة، بينما نقلت وكالة "رويترز" عن البيت الأبيض تأكيده على أهمية تمديد وقف إطلاق النار، وفي هذا السياق، تواصل المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية جوزاف عون، مع الجهات الدولية، إلا أن الردود لم تكن مشجعة.
وأكدت صحيفة "نداء الوطن" أن لبنان الرسمي يعتبر أي تمديد غير مبرر بمثابة استمرار للاحتلال، وذكرت أن الرئيس عون كثف اتصالاته مع الدول الضامنة للاتفاق، مشددًا على أهمية احترام مهلة الانسحاب لتجنب أي تصعيد محتمل.
فيما استمرت "إسرائيل" في الانسحاب من بعض المناطق، ذكرت تقارير إعلامية أنها ستبقي على وجودها في مواقع استراتيجية في القطاع الشرقي والجنوبي، مبررة ذلك بالحاجة إلى معالجة "تهديدات أمنية". وأفادت هيئة الإذاعة الإسرائيلية بأن الحكومة المصغرة (الكابينت) قررت عدم الانسحاب الكامل حاليًا وهددت بالرد على أي تصعيد من قبل "حـ.ـزب الله".
تشير المعطيات الميدانية إلى أن الوضع في الجنوب قد يشهد تصعيدًا في حال لم يتم حل الأزمة دبلوماسيًا، وقد يلجأ الأهالي إلى أساليب مقاومة مدنية كالتظاهر ومحاولات العودة الجماعية إلى القرى المحتلة، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار جديد لضمان استقرار المنطقة.