التوترات على الحدود اللبنانية - السورية: خلفيات ودلالات

جوسلين معوض

2025.01.15 - 10:21
Facebook Share
طباعة

 تسجل الحدود اللبنانية - السورية في منطقة الهرمل توترات أمنية في الآونة الأخيرة، خاصة بين بلدة حوش السيد علي اللبنانية وبلدة المصرية السورية المجاورة في سهل القصير، فهذه المواجهات ليست وليدة اللحظة، بل تنبع من خلفيات صراعية تمتد جذورها إلى سنوات طويلة، مرتبطة بالهوية الجغرافية والسياسية لتلك المنطقة المتداخلة بين البلدين.


من المعروف أن بلدة حوش السيد علي هي منطقة لبنانية يقطنها مواطنون شيعة، وهي تقع بالقرب من معبر مطربا الحدودي، الذي تعرض لهجمات جوية إسرائيلية بسبب دوره الحيوي في تأمين الدعم العسكري لحزب الله. في الجهة المقابلة، تمتد سهول القصير السورية التي تعد جزءًا من محافظة حمص، وهي منطقة استقطبت اهتمام حزب الله في بداية الأزمة السورية عام 2011.


خلال تلك الفترة، قرر الحزب التدخل العسكري في سوريا، واختار سهل القصير للانخراط في الصراع هناك بهدف حماية السكان الشيعة اللبنانيين في تلك المنطقة، هذا التدخل أدى إلى معركة "تحرير القصير" التي أسفرت عن استعادة المنطقة من أيدي المعارضة المسلحة، ومنذ ذلك الحين أصبح سهل القصير قاعدة خلفية لحزب الله، حيث أقام فيها معسكرات تدريب وترسانات أسلحة، مع وصول العديد من العائلات الموالية للحزب للإقامة في المنطقة بشكل دائم.


ومع مرور الوقت، تغيرت معادلة الصراع بعد نجاح المعارضة السورية المسلحة في شن هجمات كبيرة، أدت إلى سيطرتها على بعض المناطق الحيوية، وأدى ذلك إلى نزوح نحو عشرة آلاف لبناني من سهل القصير إلى مناطق مثل الهرمل والبقاع الشمالي، بينما استغلت المجموعات السورية هذا الفراغ الأمني لتعزيز سيطرتها على المنطقة، بما في ذلك الاقتراب من بلدة حوش السيد علي.


في الأيام الأخيرة، شهدت المنطقة تصاعدًا في العنف بعدما أعلنت "العشائر البقاعية" عن تشكيل غرفة عمليات لمواجهة المسلحين السوريين في الجهة المقابلة، وقد تمكنت تلك العشائر من اقتحام بلدة المصرية السورية واستعادة معبر مطربا الاستراتيجي، معتبرة ذلك ردًا على الهجمات التي شنتها المجموعات السورية على حوش السيد علي، ومع تصاعد التوترات، تدخل الجيش اللبناني والجيش السوري لتعزيز الأمن في المنطقة.


ما يحدث على الحدود اللبنانية - السورية هو نتاج لحالة الفلتان التي تسود جزءًا كبيرًا من الأراضي السورية، والتي أسفرت عن نزاعات وصراعات على الجغرافيا والهوية، وتعد هذه التطورات جزءًا من التصفية المستمرة للحسابات السياسية والمذهبية بين الأطراف المختلفة، مما يزيد من مخاوف من تصاعد العنف وتأثيره على استقرار المنطقة في المستقبل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 7