تنطلق اليوم الاستشارات النيابية غير الملزمة في المجلس النيابي، حيث يجري الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، الذي جال على رؤساء الحكومات السابقين أمس بدءاً بالرئيس نجيب ميقاتي، هذه الاستشارات للكتل النيابية وغداً للنواب المستقلين اعتباراً من العاشرة صباحاً في مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة. وقد شهدت هذه التطورات قراراً من الثنائي الشيعي (حـ.ـزب الله وحركة أمل) بعدم المشاركة في الاستشارات.
وفقاً لصحيفة "اللواء"، بدَّد الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام ما وُصف بهواجس "الثنائي الشيعي" حول تسمية سلام لتأليف الحكومة وترؤسها في العهد الجديد. هذا التبديد أثار آمالاً بتجاوز العقبات، وبوضع خارطة طريق متكاملة بين خطاب القسم وخطاب التكليف بمشاركة كل المكونات، ومع ذلك، أشار النائب أيوب حميد إلى أن قرار "الثنائي" بالمقاطعة جاء بسبب ما اعتُبر انقلاباً على تفاهمات سبقت انتخاب الرئيس عون، والتي شملت تسمية نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، بالإضافة إلى التزامات تتعلق بوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي.
البيانات التي صدرت عن الرئيسين عون وسلام أكدت الالتزام بإعادة الإعمار، إلا أن "الثنائي" أبدى تحفظات حول التنفيذ والالتزام الفعلي، ومع تصاعد التوتر، أشارت "الأخبار" إلى أجواء "شدّ أعصاب" سادت في بيروت، خاصة مع تلقي إشارات عن احتمال رفض "الثنائي" المشاركة في الحكومة واعتبارها مخالفة للدستور، وفي هذا السياق، تدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر اتصال بالرئيس نبيه بري، مشيداً بالرئيس سلام وداعياً إلى التعاون لتسريع تشكيل الحكومة.
التوتر السياسي انعكس في اللقاء الثلاثي الذي عُقد صباحاً في بعبدا بين الرؤساء عون وبري وسلام، وعلى الرغم من الاستياء الذي بدا واضحاً على بري، فإن الأجواء لم تكن متوترة بشكل كبير، وأكّد بري موقف "الثنائي" الرافض للإقصاء والتمييز ضد الطائفة الشيعية، مطالباً بالالتزام بالميثاقية والعيش المشترك، وفي المقابل، شدّد الرئيسان عون وسلام على الشراكة وضرورة انضمام الجميع إلى الحكومة الجديدة.
كما أظهرت تصريحات ودية من عون وسلام حرصهما على طمأنة المكونات المختلفة، حيث أكّد عون خلال لقائه وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى التزامه بالشراكة الوطنية ورفضه لسياسات العزل أو الكسر، وأوضح أن العملية الديمقراطية التي أوصلت سلام إلى رئاسة الحكومة لا تعني تجاوز الميثاقية.
من جهتها، نقلت صحيفة "نداء الوطن" أن موقف "الثنائي" السلبي من الاستشارات يعكس محاولة لرفع سقف المطالب، بينما أكدت مصادر سعودية أن المملكة تدعم استقرار لبنان ووحدته، مع التزامها بعدم التدخل في اختيار الأسماء لرئاسة الحكومة، واعتبرت "الديار" أن امتناع "الثنائي" عن المشاركة في الاستشارات غير الملزمة يحمل رسائل سياسية، لكنه لا يعني بالضرورة رفضاً كاملاً للمشاركة في الحكومة.
أما مصادر "النهار"، فقد أشارت إلى أن زيارة وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لعون هدفت إلى احتواء التوتر، مع تشديد عون على أهمية استغلال الفرص المتاحة لتنفيذ إعادة الإعمار وبناء الدولة بشفافية، ودعا إلى إرسال رسائل إيجابية إلى الخارج، مؤكداً أن أي انكسار لمكوّن يعني انكسار لبنان بأسره.
ختاماً، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد مساعي حثيثة لتجاوز العقبات أمام تشكيل الحكومة، مع التركيز على أهمية الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة لتجنب تداعيات سياسية قد تؤثر على استقرار لبنان ومستقبله.