قبل ساعات من جلسة الخميس المنتظرة لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، تسود الساحة السياسية حالة من الترقب والازدحام بالاتصالات المحلية والدولية. وفي هذا السياق، شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة من اللقاءات والتحركات، أبرزها زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بناءً على دعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
زيارة لودريان: رسالة دولية للحل
وُصفت زيارة لودريان بأنها تأتي في إطار الجهود الدولية لدعم اللبنانيين في إنهاء الشغور الرئاسي، وهو ما أكدته الخارجية الفرنسية بقولها إن "انتخاب رئيس للجمهورية هو الخطوة الأولى لإعادة تفعيل المؤسسات اللبنانية واستعادة سيادة البلاد"، وتزامت زيارة لودريان مع تحركات سعودية وأميركية مماثلة، ما يعكس اهتمامًا دوليًا مشتركًا في إيجاد مخرج للأزمة السياسية في لبنان.
ميقاتي: الانتخاب ضرورة لإنهاء الشغور
شدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال جلسة مجلس الوزراء على أهمية انتخاب رئيس في الجلسة المقبلة، معتبراً أن استمرار الفراغ الرئاسي سيؤدي إلى تفاقم الأزمات وتعطيل عمل المؤسسات، وأشار إلى أن الفراغ لم يقتصر على الرئاسة فقط، بل امتد إلى كافة الإدارات والوزارات، محذرًا من انهيار الدولة في حال استمرار هذا الوضع.
دريان: دعوة للتوافق وإنقاذ الوطن
من جانبه، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان النواب إلى أداء واجبهم الدستوري بالتوافق على انتخاب رئيس ينقذ لبنان من الفوضى، وأكد أن الجلسة المقبلة تمثل فرصة حاسمة للخروج من التخبط السياسي.
المعارضة والتغييريون: البحث عن توافق
وفيما تتسارع التحركات، تواصل قوى المعارضة والتغييريين اجتماعاتها لمحاولة الوصول إلى مرشح قادر على تأمين 65 صوتًا، وتشير المعلومات إلى أن قائد الجيش العماد جوزف عون هو الخيار الأبرز، رغم عدم وجود توافق كامل عليه، لا سيما من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وتدرس المعارضة أيضًا خيارات أخرى، منها إعادة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.
في المقابل، يبدو موقف الثنائي الشيعي معقدًا، ففي حين يعترض على تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش، يواصل مناوراته السياسية بين دعم مرشح مقبول داخليًا ودوليًا ورفض الانصياع لضغوط خارجية، وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الجلسة الانتخابية ستبقى مفتوحة ومتواصلة حتى الوصول إلى انتخاب رئيس.
هوكشتاين: دعم دولي مشروط بالإصلاح
المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين كان قد التقى بري وأطرافًا سياسية أخرى، مشددًا على ضرورة انتخاب رئيس يلتزم باتفاق الطائف ويكون محل ثقة المجتمع الدولي، وأكد أن الولايات المتحدة مستعدة لدعم لبنان اقتصاديًا إذا تم انتخاب رئيس إصلاحي، محذرًا في الوقت ذاته من استمرار حالة الجمود.
معضلة الأسماء: بين العماد عون والبسري
تتردد أسماء أخرى في الكواليس السياسية، مثل اللواء الياس البيسري، الذي يحظى بدعم قطري، لكن يبدو أن التوافق عليه لا يزال بعيدًا، من جهتها، تعلن جهات دولية، ومنها الجانب الأميركي والسعودي، أن المطلوب هو رئيس إصلاحي يحظى بدعم محلي ودولي، دون طرح أسماء محددة.
الجلسة المنتظرة: أمل أم مزيد من التعقيد؟
الساعات المقبلة تحمل الكثير من الترقب والمفاجآت، ورغم الجهود المكثفة، تبقى مسألة التوافق على مرشح موحد أمرًا غير مضمون، ويُنتظر أن تكون جلسة الخميس مفصلية في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، حيث يتنافس السياسيون بين معادلة الاستقرار الداخلي والرضا الدولي.
الأزمة الرئاسية في لبنان باتت اختبارًا حقيقيًا للنظام السياسي والطبقة الحاكمة، وفي ظل الضغوط الداخلية والخارجية، يبقى الأمل معلقًا على أن يتخطى السياسيون خلافاتهم للوصول إلى توافق يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار والإصلاح.