تركيا توجه إنذاراً نهائياً لقسد و "الإدارة الذاتية" تشترط !

رزان الحاج

2025.01.08 - 08:34
Facebook Share
طباعة

 في خطوة تصعيدية، حذرت تركيا يوم الثلاثاء قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مواجهة عملية عسكرية وشيكة إذا لم توافق على شروط أنقرة المتعلقة بمرحلة انتقالية "غير دموية" في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. اذ جاء هذا التهديد على لسان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي أكد في تصريحات تلفزيونية أنه تم توجيه إنذار نهائي للقسد المصنفة من قبل تركيا كتنظيم إرهابي، محذراً من أنه في حال عدم استجابة التنظيم للإنذار، ستقوم تركيا باتخاذ "الإجراء اللازم"، وهو ما يعني على الأرجح شن عملية عسكرية ضد القوات الكردية في سوريا.


تركيا تتهم "قسد" بالارتباط بحزب العمال الكردستاني
ويأتي هذا التهديد في وقت حساس بعد تصاعد التوترات في المنطقة عقب الإطاحة بفصائل سورية، بقيادة هيئة تحـ.ـرير الشام، بنظام الأسد في الشهر الماضي، حيث ترى تركيا أن "قسد" تشكل تهديداً أمنياً مباشرًا لها، كونها تتهمها بالارتباط الوثيق بحزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، الذي تصنفه تركيا كمنظمة إرهابية منذ عقود، وقد شهدت المنطقة اشتباكات محدودة بين فصائل سورية مدعومة من تركيا و"قسد"، حيث تم طرد الأخيرة من مناطق مهمة مثل تل رفعت ومنبج.


التحفظات الأمريكية والغربية على التصعيد التركي
من جانبها، تحافظ الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على موقف مختلف، إذ يرون أن وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ "قسد"، لعبت دورًا حيويًا في محاربة تنظيم (د اع ش) واعتبروا أن استمرار دعمها يعد أمراً ضرورياً لمنع التنظيم من إعادة تجميع صفوفه، وفي هذا السياق، أشار فيدان إلى أن "المهلة" التي منحها الجانب التركي لوحدات حماية الشعب عبر الأمريكيين كانت واضحة، مؤكدًا أن تركيا لن تتراجع عن مطالبها.


الشروط التركية وطلب مغادرة المقاتلين الأجانب
أحد الشروط الرئيسية التي وضعتها تركيا يتمثل في ضرورة مغادرة المقاتلين الأجانب الذين جلبتهم "قسد" من تركيا وإيران والعراق من سوريا بشكل فوري، محذراً من أن أي تأخير أو تردد في تنفيذ هذا الشرط قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، كما أعلن فيدان أن تركيا على استعداد لتولي إدارة السجون والمعسكرات التي تحتجز فيها "قسد" عناصر تنظيم د ا ع ش، إذا لم تتمكن الإدارة السورية الجديدة من القيام بذلك.


"الإدارة الذاتية" تشترط التفاوض مع دمشق
في سياق متصل، أبدت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، والتي تسيطر عليها "قسد"، استعدادها للدخول في حوار مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، شريطة أن يتم تمثيل جميع مكونات الشعب السوري في المرحلة الانتقالية، وأكد حسين عثمان، الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي في "الإدارة الذاتية"، على ضرورة أن يكون المستقبل السياسي لسوريا قائمًا على نظام لامركزي، بعيدًا عن النظام المركزي الذي اعتبره سببًا رئيسيًا للأزمات التي مر بها البلد.


كما أكد عثمان أن "الإدارة الذاتية" أطلقت مبادرة للحوار السوري-السوري في ديسمبر 2024، وتضمنت مطالب تشمل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وقف العمليات العسكرية، وتعزيز المشاركة السياسية للمرأة، بالإضافة إلى توزيع الموارد بشكل عادل وعودة المهجرين إلى مناطقهم.


الموقف السوري الرسمي: رفض الفيدرالية
من جانبه، أكد أحمد الشرع، قائد "الإدارة السورية" الجديدة، أنه لا مكان للفيدرالية في سوريا، مشددًا على ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد ورفض أي شكل من أشكال التقسيم، وأشار إلى أن الحل الأمثل يكون في توحيد القوات العسكرية السورية تحت مظلة وزارة الدفاع، مع التركيز على دمج الفصائل المسلحة بشكل فردي وليس على مستوى المجموعات.


المبادرة السياسية: حوار سوري-سوري
أعرب عثمان عن رغبة "الإدارة الذاتية" في عقد "مؤتمر وطني" يشارك فيه جميع القوى السياسية السورية، بهدف وضع أسس للمرحلة الانتقالية التي تضمن مشاركة فعالة لجميع الأطراف، كما شدد على ضرورة الابتعاد عن التأثيرات الخارجية التي قد تعرقل الحل السياسي في البلاد، في ظل تدخلات إقليمية تُسهم في تعزيز عدم الاستقرار.


وفي هذا الإطار، تعتبر "الإدارة الذاتية" أن نظام الحكم في سوريا يجب أن يكون لامركزيًا لضمان عدم التفرد بالقرار السياسي، وأن المرحلة المقبلة تتطلب معالجة الأخطاء التاريخية التي مرت بها البلاد، وتحقيق العدالة لجميع السوريين.


موقف "قسد" من المبادرات السياسية
في 20 ديسمبر 2024، صرح قائد "قسد"، مظلوم عبدي، بأن قواته مستعدة للاندماج العسكري مع المعارضة السورية، مشيرًا إلى استعداد قواته، التي تضم حوالي 100 ألف مقاتل، لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوريا الجديد، وتعد هذه التصريحات جزءًا من محاولات "قسد" للتفاوض مع دمشق والتوصل إلى تسوية سياسية توافقية في ظل الظروف المتغيرة في سوريا.


الخلاصة
في الوقت الذي تواصل فيه تركيا تهديداتها لـ "قسد" وتحذر من تصعيد عسكري في حال عدم تنفيذ شروطها، تسعى "الإدارة الذاتية" إلى إيجاد تسوية سياسية مع دمشق تستند إلى مبدأ اللامركزية والمشاركة السياسية الشاملة، وبينما ترى تركيا أن "قسد" تمثل تهديدًا لأمنها القومي، يشدد الحلفاء الغربيون على أهمية دور الوحدات الكردية في مكافحة الإرهاب، تظل الأوضاع في سوريا تتطلب المزيد من الحوار والتفاوض بين كافة الأطراف المعنية لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9