تشهد الصين حالياً انتشاراً لفيروس تنفسي جديد يُعرف باسم ميتانيموفيروس البشري (HMPV)، ما يثير القلق على مستوى العالم.
يسبب هذا الفيروس أعراضًا مشابهة لتلك التي يسببها الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، الإنفلونزا ونزلات البرد، مما يساهم في زيادة المخاوف من أن يكون هذا الفيروس هو مصدر تهديد مشابه لوباء كورونا الذي اجتاح العالم سابقاً، ورغم أن الفيروس لا يعتبر حالياً تهديدًا وبائيًا عالميًا، إلا أن انتشاره السريع يجعل من الضروري فحصه بدقة أكبر.
تاريخ الفيروس ونشأته
تم اكتشاف ميتانيموفيروس البشري لأول مرة في هولندا عام 2001، لكنه يعتقد أنه كان موجودًا لفترة أطول قبل ذلك، ورغم اكتشافه حديثًا نسبيًا، أصبح هذا الفيروس من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي الحادة منذ عام 2016، خاصةً بين الأطفال دون سن الخامسة في الولايات المتحدة، وينتمي الفيروس إلى نفس عائلة الفيروسات التي ينتمي إليها الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) الذي يعد من أبرز الأسباب للأمراض التنفسية الحادة.
أثبتت الدراسات أن الفيروس ينتشر موسميًا، وعادةً ما يزداد نشاطه في فصلي الربيع والشتاء، وتشير التقارير أيضًا إلى أن المرض يُسبب معدلات عالية من التهابات الجهاز التنفسي في بعض المناطق، وخاصةً في موسم الشتاء.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
يؤثر فيروس HMPV على جميع الفئات العمرية، لكنه يُشكل خطرًا أكبر على الأطفال الصغار، كبار السن، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، بالإضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو، وفقًا للدكتور البلعاوي، فإن العدوى بهذا الفيروس تؤدي عادةً إلى أعراض خفيفة مشابهة لنزلات البرد مثل سيلان الأنف، السعال، التهاب الحلق، والحمى، لكن في بعض الحالات، قد يتسبب الفيروس في التهابات حادة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب القصيبات، ما قد يتطلب دخول المستشفى خاصة في الفئات الأكثر عرضة للخطر.
طرق انتقال الفيروس وسرعة انتشاره
ينتقل فيروس ميتانيموفيروس البشري (HMPV) عن طريق الرذاذ التنفسي الذي ينجم عن السعال أو العطس، كما يمكن أن ينتقل أيضًا عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس، وتُجرى حاليًا دراسات لفهم طبيعة انتقال الفيروس بشكل أفضل، حيث إن سرعة انتشاره لا تزال غير معروفة بدقة.
كيفية الوقاية من الفيروس
رغم أن الفيروس لا يُعتبر حاليًا تهديدًا وبائيًا عالميًا، إلا أن الوقاية منه تظل أمرًا بالغ الأهمية للحد من انتشاره، تختلف طرق الوقاية عن تلك المعتمدة لفيروسات مثل الإنفلونزا ونزلات البرد، وتشمل:
غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
تجنب لمس العينين، الأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس والتخلص منه فورًا.
تنظيف الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لمنع انتقال العدوى للآخرين.
مخاوف من انتقال الفيروس بين الدول
لا توجد حالياً أدلة قاطعة تدعو إلى فرض إجراءات صارمة على السفر الدولي كما حدث في جائحة كورونا، ولكن يُنصح باتباع إرشادات الصحة العامة للوقاية من العدوى، وعلى الرغم من عدم وجود علاج محدد لفيروس HMPV، فإن العلاج يقتصر بشكل أساسي على تخفيف الأعراض، مثل الراحة، تناول الكثير من السوائل، واستخدام الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية لتخفيف الحمى والألم، وفي الحالات الشديدة من العدوى، قد يتطلب الأمر علاجًا في المستشفى باستخدام الأكسجين أو التهوية الميكانيكية.
الوضع في الصين واستجابة الحكومة
في مؤتمر صحفي مؤخرًا، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ أن الصين تراقب الوضع عن كثب، مشيرةً إلى أن التهابات الجهاز التنفسي في الجزء الشمالي من البلاد شهدت زيادة هذا الشتاء، ومع ذلك، أفادت بأن الأمراض التنفسية هذا العام أقل خطورة وأقل انتشارًا مقارنة بالعام الماضي. وأضافت أنه من الآمن السفر إلى الصين رغم ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس.
دول أخرى تراقب الوضع
تراقب الدول المجاورة للصين الوضع عن كثب، ففي إندونيسيا، أصدرت وزارة الصحة بيانًا رسميًا قالت فيه إن السلطات تراقب انتقال فيروس HMPV في الصين، مع اتخاذ إجراءات مثل الحجر الصحي للركاب القادمين من الخارج الذين تظهر عليهم أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، في المقابل، صرح مسؤولون في الهند أنه لا داعي للقلق حاليًا، حيث لم يتم تسجيل حالات إصابة كبيرة بالفيروس في الهند.
إحصائيات عن الفيروس في الصين أظهرت البيانات الأخيرة من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن فيروس HMPV ارتبط بنسبة 6.2٪ من نتائج الاختبارات الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024، ما جعله يتفوق على فيروسات أخرى مثل كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية.
في الختام، يظل فيروس ميتانيموفيروس البشري (HMPV) موضوعًا قيد الدراسة والبحث، ويتطلب المراقبة المستمرة، بينما تبقى الوقاية والوعي بالفيروس جزءًا أساسيًا من الحد من انتشاره.