زيارة أوروبية لسوريا: جس نبض وتقديم شروط إعادة الإعمار

مركز فيريل للدراسات

2025.01.04 - 01:44
Facebook Share
طباعة

 في زيارةٍ مزدوجة إلى سوريا في الثالث من يناير 2025، قام وزيران أوروبيان، أحدهما من ألمانيا والآخر من فرنسا، بالانتقال إلى دمشق في إطار مهمتهم من قبل الاتحاد الأوروبي.


قد يبدو الأمر للوهلة الأولى كزيارة "نجاح" وحوار مفعم بالتفاهمات الإيجابية، إلا أن الواقع كان أكثر تعقيدًا.


الزيارة كانت تهدف إلى "جس النبض" حول الوضع في سوريا وتقديم الشروط الأوروبية التي لم تلقَ ترحيبًا من قبل الحكومة السورية، بل قد تكون قد زادت من الشكوك حول نوايا الاتحاد الأوروبي.


وصلت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى دمشق وهي ترتدي سترة واقية من الرصاص على متن طائرة عسكرية ألمانية، مما يبرز أبعاد الموقف الحذر الذي يراه الأوروبيون تجاه الوضع الأمني في المنطقة. كما تم تنبيهها إلى عدم مصافحة الحكام الجدد، وهو إشارة غير مباشرة على التباين الثقافي والرسائل السياسية التي تنطوي عليها الزيارة.


زيارة السجون، التي تم تنظيمها ضمن جدول الأعمال، لم تكن سوى نقطة نقاش مثيرة للجدل، حيث تساءل البعض عن جدوى هذه الزيارة في حال كانت المعلومات الأمنية الألمانية تفوق ما تم تقديمه لهم.


أما الإعلام الألماني، فقد ركز على ما أسماه "الحكام الجدد" في دمشق، مشيرًا إلى خلفياتهم الجهادية السابقة، مثل ارتباط هيئة تحـ.ـرير الشام بتنظيم القاعـ.ـدة، وهو ما يعكس صورة مشوهة في أذهان الرأي العام الأوروبي.

 

لكن الأهم في الزيارة كان حديث الوزيرة الألمانية عن شروط "إعادة الإعمار" التي تضمن دعمًا ماليًا، مشيرة إلى ضرورة إتمام "انتقال سياسي شامل" يضمن مشاركة جميع أطياف الشعب السوري، كما تم التأكيد على ضرورة المساواة في الحقوق بين النساء والأقليات، هذه الشروط تتعلق بالأساس بالقضاء على أي مسعى لإنشاء حكومة إسلامية، مع الإصرار على أن تكون العملية السياسية مفتوحة لكل مكونات سوريا.


على الرغم من التصريحات التي أبدت بعض التفاؤل، مثل حديث الوزيرة عن "رغبة في الاعتدال"، إلا أن القلق الأوروبي حول تصرفات هيئة تحـ.ـرير الشام وتورطها في أنشطة إرهابية لا يزال قائمًا، مع تحذيرات من استمرار الاتصالات مع القـ.ـاعدة.


المساعدات التي سيقدمها الاتحاد الأوروبي، كما هو متوقع، ستكون موجهة بشكل مباشر إلى المدنيين السوريين، وتستثني حكام البلاد من الاستفادة منها. من المتوقع أن تشمل هذه المساعدات مجالات الصحة والتعليم، لكنها ستكون مشروطة بتحقيق الشروط الأمنية والسياسية التي يراها الاتحاد الأوروبي أساسية، مثل مكافحة الفساد واستقرار الأوضاع الداخلية.


في الختام، يبدو أن الزيارة كانت بمثابة اختبار للموقف السوري من الشروط الأوروبية، وأن الحكام الجدد قد يحاولون التوجه نحو الدول العربية للحصول على الدعم المالي الضروري في ظل الصعوبات الاقتصادية العالمية. لكن التحديات أمامهم ليست هينة، حيث يصطدمون بشروط تطبيع العلاقات في إطار أوسع من الأزمة السورية المستمرة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5