تواجه روسيا صعوبات لوجستية واستراتيجية كبيرة في حال قررت سحب كامل قواتها العسكرية من سوريا، خاصة إذا لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع حكومة دمشق المؤقتة يضمن استمرار وجود قواعدها العسكرية. هذه التحديات تُضعف موقف موسكو التفاوضي، وتثير تساؤلات حول مستقبل وجودها العسكري في المنطقة.
صعوبات لوجستية معقدة
وفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، فإن مهمة سحب القواعد الروسية ليست سهلة، حيث تتطلب نقل كميات كبيرة من المعدات العسكرية المتنوعة.
على سبيل المثال، تضم قاعدة “حميميم” الجوية، أسلحة متطورة ونحو 7500 جندي، بالإضافة إلى الدبابات والعربات العسكرية والطائرات، وتحتوي أيضًا القاعدة البحرية في طرطوس، التي تعد المركز اللوجستي البحري الروسي، على معدات بحرية ثقيلة.
لنقل هذه المعدات، تحتاج روسيا إلى استخدام طائرات شحن ضخمة مثل “An-124” (أنتونوف 124) و“IL-76” (إليوشن 76)، ما يزيد من تعقيد العملية، أما الطريق البحري، الذي يمر عبر مضيقي البوسفور والدردنيل التركيين إلى البحر الأسود، فهو خيار صعب بسبب القيود التي فرضتها تركيا على مرور السفن الحربية وفقًا لاتفاقية مونترو، وفي حال اختارت روسيا طريقًا بديلًا عبر مضيق جبل طارق، فإن ذلك يزيد من التكاليف والوقت اللازمين لنقل المعدات.
التكلفة العالية والتعقيدات السياسية
عملية سحب القواعد الروسية تُعد مشروعًا ضخمًا ومكلفًا للغاية، وتشير تقديرات التقرير إلى أن روسيا تواجه مأزقًا فعليًا، حيث لا توجد قرارات واضحة أو اتفاقات نهائية بشأن مستقبل القوات الروسية في سوريا.
من جهة أخرى، تسعى موسكو إلى الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا من خلال التفاوض مع حكومة دمشق المؤقتة، ففي 27 ديسمبر 2024، ذكرت وكالة "تاس" الروسية أن المفاوضات جارية لضمان استمرار استخدام روسيا لقاعدتي حميميم وطرطوس.
موقف تفاوضي ضعيف
صعوبة نقل القواعد تضعف موقف روسيا التفاوضي مع حكومة دمشق، إذ تسعى موسكو لضمان عدم إنهاء الاتفاقيات السابقة التي أُبرمت مع النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، ويشير محللون إلى أن حكومة دمشق المؤقتة، رغم عدم تخطيطها لخرق الاتفاقيات قريبًا، تملك القدرة على فرض شروط جديدة في ظل الظروف الحالية.
تصريحات وتحليلات
صرح رئيس لجنة الدفاع في مجلس “الدوما” الروسي، أندريه كارتابولوف، بأن أمن القواعد الروسية مضمون من خلال القوات المسلحة الروسية نفسها، وأشار إلى أن فصائل المعارضة السورية تدرك تمامًا خطورة الاقتراب من هذه القواعد.
أما السكرتير الصحفي للكرملين، ديمتري بيسكوف، فقد أوضح في 16 ديسمبر 2024 أن مستقبل القواعد الروسية في سوريا لم يتحدد بعد، وأن الكرملين لا يملك قرارات نهائية بشأن نقل القوات أو إعادة تمركزها.
الخلاصة
يبدو أن روسيا تواجه تحديات كبيرة في سحب قواتها من سوريا، تشمل الجوانب اللوجستية والمالية والسياسية. في ظل غياب اتفاق نهائي مع حكومة دمشق المؤقتة، يبقى مستقبل القواعد الروسية غير واضح، ما يزيد من تعقيد المشهد الاستراتيجي لموسكو في المنطقة.