مستقبل الإنسان في عالم تكنولوجي متسارع

2024.12.31 - 10:33
Facebook Share
طباعة

 في عام 2025، سيظهر جيل جديد يُطلق عليه "جيل بيتا"، والذي سيعيش في القرن الثاني والعشرين، ليكمل سيرورة الأجيال التي بدأها الجيل إكس، ثم الألفية، وأخيرًا الجيل زد، رغم أنه من المبكر تحديد السمات الدقيقة لجيل بيتا، فإن فهم الأجيال التي ستنجبهم قد يساعد في تصور كيفية تأثير التكنولوجيا على حياتهم وشخصياتهم.


من هم المواطنون الرقميون؟
جيلي الألفية وزد هما الأجيال التي نشأت في عالم متصل رقميًا، مع ظهور الشبكات الاجتماعية والاتصالات السريعة التي غيّرت شكل التواصل، جيل بيتا، الذي سيتشكل من أبناء هؤلاء "المواطنين الرقميين"، سيعيش في بيئة أكثر رقمية ومرونة، فمن المتوقع أن يتفاعلوا مع العالم بطرق تكنولوجية مبتكرة، بعيدًا عن العديد من الكلاسيكيات الأسرية، مستفيدين من الأدوات الحديثة التي تمكنهم من إدارة حياتهم بأسلوب مشابه لإدارة الشركات.


الجيل ألفا: الطفل المولود مع الذكاء الاصطناعي
بالرغم من أن جيل بيتا سيولد في المستقبل القريب، إلا أن جيل ألفا الذي ينتمي إليه أطفال اليوم يقدم بالفعل صورة عن ملامح الحياة في المستقبل، فأطفال هذا الجيل لا يتقنون استخدام الأجهزة الذكية فحسب، بل يتعاملون معها بشكل عفوي وكأنها جزء من كيانهم، بدأوا في استخدام الأجهزة اللوحية قبل تعلم الكلام، ويتفاعلون مع الذكاء الاصطناعي في ألعابهم اليومية، هذه المهارات التكنولوجية المبكرة ستشكّل ملامح جيل بيتا عندما يكبرون.


البرمجة: هواية المستقبل
أصبح تعلم البرمجة جزءًا من حياة جيل ألفا، ويعتبرونها هواية ممتعة ومهارة تمكنهم من "التحكم" في عالم التكنولوجيا، وتشير المهندسة منى عبده، التي أسست ناديًا للأطفال لتعليم البرمجة، إلى أن تعلم البرمجة يعزز من مهارات الأطفال العلمية والحياتية، ويجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع التحديات المستقبلية، وترى أن جيل بيتا سيكون أكثر تمكّنًا من هذه المهارات الرقمية، وسيتفوق على جيل ألفا في كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي والروبوتات.


عالم تتسارع فيه التحولات
يشير المؤرخون إلى أن الأجيال على مر التاريخ كانت تكتسب سمات مميزة بناءً على الظرف التاريخي الذي عايشوه، لكن مع التقدم التكنولوجي السريع، أصبح من الصعب تحديد فوارق جيلية كما كان في الماضي، ففي دراسة حديثة من كلية لندن الجامعية، تم الإشارة إلى التحديات الصحية التي يواجهها أبناء جيل طفرة المواليد وجيل إكس، إلا أنه من المتوقع أن يكون جيل بيتا أكثر وعيًا بمخاطر العوامل البيئية والصحية، بفضل تقدم الوعي التكنولوجي والتطور الطبي.


التحدي الأكبر لجيل بيتا
الخبيرة الدولية في الأنثروبولوجيا الرقمية، رهف حرفوش، ترى أن جيل بيتا سيعيش في عالم مليء بالتكنولوجيا المتطورة، حيث سيتعاملون مع الذكاء الاصطناعي كما نتعامل اليوم مع الكهرباء، لكنها تحذر من أن الحياة الرقمية ستكون تحت مجهر المراقبة المستمرة، مما قد يؤثر على الطبيعة الإنسانية لهذا الجيل. في الوقت نفسه، ترى أن جيل بيتا سيحتاج إلى الجمع بين المهارات الرقمية والصبر لحل المشكلات، وهو ما يعكس حاجة ماسة لجيل "هجين" يتمتع بالفهم التكنولوجي والقدرة على التفكير النقدي.


تحديات المستقبل: التعاون العالمي
رهف تشارك أيضًا في الهيئة الاستشارية العليا للأمم المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتؤكد على أهمية التعاون العالمي لوضع سياسات أخلاقية لمواجهة التحديات التي تطرأ نتيجة للثورة الرقمية، فكما استطعنا التأقلم مع التغيرات الكبرى في تاريخ البشرية مثل الطاقة النووية والإنترنت، ستتطلب المرحلة القادمة من الأجيال التكيف مع الأطر الرقمية والذكاء الاصطناعي بأسلوب مشترك لتجنب الفوضى.


ختامًا: هل نحن مستعدون لجيل بيتا؟

بينما يتشكل جيل بيتا في ظل هذه التحولات الرقمية، يطرح التساؤل الأهم: هل سيكون بإمكاننا الحفاظ على إنسانيتنا في عالم متسارع التغير؟ مع التقدم التكنولوجي الكبير، سيكون من الضروري أن نتذكر أن كل جيل يمتلك سماته الخاصة، وأن التحديات المستقبلية ستتطلب منا تكامل التكنولوجيا مع القيم الإنسانية لضمان عالم أكثر توازنًا واستدامة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 2