أوقفت السلطات اللبنانية عبد الرحمن القرضاوي، نجل الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي، يوم السبت 28 ديسمبر 2024، لدى وصوله من سوريا عبر معبر المصنع الحدودي، حيث تم توقيفه بناءً على مذكرة صادرة عن السلطات المصرية التي تطالب بتسليمه، إذ يواجه القرضاوي اتهامات بالتحريض ونشر أخبار كاذبة تهدف إلى زعزعة استقرار مصر.
عبد الرحمن القرضاوي، الذي يبلغ من العمر 54 عامًا، كان ناشطًا معارضًا للنظام المصري منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، واستمر في معارضته للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وفي زيارته الأخيرة إلى سوريا، نشر مقطع فيديو من المسجد الأموي في دمشق، أعرب فيه عن أمله في تحقيق "النصر" في بلدان عربية أخرى، مثل مصر. هذا الفيديو أثار استياءً واسعًا بين الأوساط المصرية المؤيدة للنظام والتي وصفته بـ "المسيء"، ما دفع بعض الإعلاميين المقربين من النظام المصري إلى المطالبة بتسليمه.
في سياق هذه التطورات، انتقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا توقيف القرضاوي، محذرة من أن تسليمه إلى مصر يعرضه لخطر جسيم على حياته وسلامته، بسبب سجل مصر في التعذيب والمحاكمات الجائرة ضد المعارضين السياسيين، وقالت المنظمة إن توقيف القرضاوي يشكل انتهاكًا خطيرًا لالتزامات لبنان الدولية، داعية إلى الإفراج الفوري عنه ووقف التعاون الأمني مع النظام المصري، كما أكدت أن لبنان يجب أن يلتزم بمبادئ حقوق الإنسان وأن يحترم القانون الدولي، بدلاً من التعاون في تصفية المعارضين السياسيين في الخارج.
تاريخ القرضاوي السياسي مرتبط بمعارضته الأنظمة الاستبدادية، وكان أحد القيادات البارزة في حركة المعارضة المصرية خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد الإطاحة بمبارك في عام 2011، استمر عبد الرحمن في انتقاد النظام المصري، خصوصًا بعد الإطاحة بمحمد مرسي في عام 2013، لكن تطور الأوضاع في مصر بعد انقلاب السيسي جعل القرضاوي ووالده في حالة نزاع مع الحكومة المصرية، ليجعلهم عرضة للملاحقة القانونية.
من جهة أخرى، تواصل السلطات اللبنانية فحص ملف الاسترداد المقدم من مصر، وبعد استلام الملف، سيتعين على القضاء اللبناني اتخاذ القرار النهائي بشأن تسليم القرضاوي، وفي حال استيفاء الشروط القانونية، قد يوصي القضاء اللبناني بتسليمه، لكن القرار النهائي سيكون بيد الحكومة اللبنانية.
هذه القضية تثير تساؤلات حول الدور الذي تلعبه لبنان في التنسيق الأمني مع النظام المصري، خصوصًا في ظل الضغوطات الدولية التي تطالب بحماية حقوق الإنسان.