السردية الإسرائيلية حول اغتيال هنية: بين الحرب النفسية والهشاشة الاستخباراتية

أحمد الخليل

2024.12.30 - 07:49
Facebook Share
طباعة

 في تقرير مطول بثته القناة 12 العبرية واستمر لنحو 13 دقيقة، تناولت القناة سيناريوهات معقدة حول اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران.
التقرير لم يقتصر على سرد تفاصيل العملية، بل ارتبط بتصريحات وزير حرب الاحتلال، يسرائيل كاتس، التي حملت تهديدًا مباشرًا لقادة جماعة "أنصـ.ـار الله" في اليمن.
هذه السردية الإعلامية تشبه إلى حد كبير محاولات إسرائيلية سابقة لتصوير أجهزتها الأمنية على أنها متفوقة وقادرة على الوصول إلى أكثر الأماكن تحصينًا.


بدأ التقرير بتصريحات تنسب للاحتلال الاعتراف بتنفيذ العملية، حيث ربط رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بين الاغتيال وتصريحات كاتس التي تضمنت تهديدات موجهة لقادة "أنصـ.ـار الله"، ومن هنا، بدا أن اختيار التوقيت والتصريحات كان جزءًا من حملة نفسية تهدف إلى تعزيز صورة الاحتلال كقوة استخباراتية لا تُضاهى.


ركز التقرير على وصف العملية بأنها أكثر تعقيدًا من العمليات التقليدية، مشيرًا إلى أن الاحتلال اخترق منشأة إيرانية حساسة، وهو ما يُعتبر تطورًا كبيرًا في القدرة على استهداف القيادات داخل إيران.


إحدى النقاط المثيرة التي تطرق إليها التقرير كانت التساؤلات المتعلقة بكيفية اختراق المكان: من أدخل العبوة؟ من تابع التفاصيل الأمنية الدقيقة؟ وكيف تمكن الاحتلال من الحصول على معلومات طبية من داخل طاقم الإسعاف؟ هذه التساؤلات تمثل جزءًا من المعركة ، حيث يسعى الإعلام الإسرائيلي إلى تصوير الموساد كقوة قادرة على اختراق أي مكان، مهما بلغت سرّيته.


التقرير لم يكن معزولًا عن السياق الأوسع، حيث جاء ضمن سلسلة تقارير تتحدث عن ضعف الاستخبارات الإسرائيلية في التعامل مع المعضلة اليمنية والتهديدات التي تواجهها من جبهة المقا ومة، وفقًا للتقارير، أشار رئيس الموساد، ديدي بارنيع، إلى أن استهداف قلب طهران قد يكون الخيار القادم، ما يعكس رغبة الاحتلال في تصعيد الضغط النفسي على إيران وحلفائها.


بالرغم من محاولات التقرير تعزيز صورة الاحتلال، إلا أن التحقيقات المشتركة بين حركة حمـ.ـاس والسلطات الإيرانية أثبتت أن عملية اغتيال هنية تمت عبر صاروخ موجه استهدفه بناءً على تتبع هاتفه المحمول، هذا التفسير يضعف السردية الإسرائيلية التي حاولت تصوير العملية على أنها إنجاز استخباراتي غير مسبوق.


علاوة على ذلك، تعكس هذه التقارير محاولة للتغطية على الإخفاقات الاستخباراتية الإسرائيلية، خاصة بعد فشلها في التنبؤ بحدث بحجم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، والذي شكل صدمة للمجتمع الإسرائيلي. هذا الإخفاق امتد إلى التعامل مع ملف الأسرى في غزة، حيث أصبحت المقا.ومة تُظهر قدرة على إخفاء المعلومات وإرباك أجهزة الاحتلال.


إن التوجه الإسرائيلي لتقديم تقارير كهذه يعكس محاولة مستمرة لتعزيز صورة القوة الإسرائيلية في وجه جبهة المقـ.ـاومة، لكنها في الوقت نفسه تسلط الضوء على التحديات الحقيقية التي يواجهها الاحتلال في التعامل مع خصومه، خاصة في ظل تصاعد قدراتهم على استنزاف العمق الإسرائيلي وإحباط عملياته الاستخباراتية.


في النهاية، يبدو أن الرسالة الموجهة ليست فقط لجبهة المقـ.ـاومة، بل أيضًا للجبهة الداخلية الإسرائيلية التي بدأت تفقد الثقة بقدرات أجهزتها الأمنية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6