شهد لبنان عام 2024 واحدة من أصعب مراحله التاريخية على مختلف الأصعدة الأمنية، السياسية، والاقتصادية، اذ تفاقمت الأزمات المتلاحقة التي يعيشها المواطن اللبناني منذ سنوات بسبب اندلاع الحرب مع "إسرائيل" في 23 سبتمبر/أيلول، والتي ألحقت خسائر جسيمة بالاقتصاد اللبناني، تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار، مما عرقل جميع الجهود الإنقاذية.
أزمات متراكمة بلا حلول
ظل لبنان بدون رئيس للجمهورية، وتعمل حكومة تصريف الأعمال في ظل غياب خطط إصلاحية جوهرية لإنقاذ البلاد من أزماتها الممتدة منذ عام 2019. نتيجة لذلك، احتل لبنان المرتبة الأولى عالميًا في نسبة الشباب العاطلين عن العمل، حيث بلغت النسبة 47.8% وفقًا لمنظمة العمل الدولية، هذه النسبة مرشحة للارتفاع بسبب الخسائر الاقتصادية التي خلفتها الحرب:
القطاع الزراعي: تضرر 70% من القطاع، ما أدى إلى خسائر تجاوزت 3 مليارات دولار.
القطاع السياحي: فقد لبنان نحو 3 مليارات دولار من الإيرادات السياحية.
القطاع الصناعي: توقف حوالي 30% من المصانع، وانخفض النشاط الصناعي بنسبة 50%، مع خسائر تقدر بحوالي ملياري دولار.
الموازنة والإصلاحات المالية
في ظل هذه الظروف، لم تحقق موازنة 2024 الأهداف المرجوة، وجاء مشروع موازنة 2025 بحاجة إلى تعديلات كبرى بناءً على نتائج الحرب، وحتى الآن، لم تُقر القوانين الأساسية مثل إعادة هيكلة المصارف، التي تُعد خطوة ضرورية لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي.
اللائحة الرمادية: أُدرج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) نتيجة الاعتماد الكبير على الاقتصاد النقدي (أكثر من 90%) وغياب الإصلاحات المطلوبة.
النقاط الإيجابية: رغم الأزمات، زاد حجم احتياطي مصرف لبنان إلى 10.3 مليارات دولار، مع استقرار نسبي في سعر الصرف.
تأثير الحرب على الاقتصاد اللبناني: أدت الحرب مع إسرائيل إلى نتائج كارثية:
- البنية التحتية: تضررت العديد من المنشآت الحيوية، مما زاد من تعقيد الأوضاع.
- فقدان الوظائف: فقد حوالي 166 ألف شخص وظائفهم نتيجة الأضرار التي لحقت بالقطاعات الإنتاجية.
- النمو الاقتصادي: تراجع النمو الاقتصادي بنسبة كبيرة مقارنة بالتوقعات التي كانت تشير إلى نمو طفيف بنسبة 0.5% مطلع العام.
آفاق المستقبل
يترقب لبنان بحذر شديد الدعم الدولي لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومع استمرار التحديات، تبقى الأولوية لتحقيق إصلاحات حقيقية في مختلف القطاعات، بما في ذلك إعادة هيكلة المصارف وتعزيز الشفافية المالية، يعوّل اللبنانيون على أن يحمل العام المقبل بوادر السلام والاستقرار، لإنهاء معاناة طويلة الأمد واستعادة الأمل بمستقبل أفضل.