يدخل الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرحلة دقيقة وحاسمة مع اقتراب موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في التاسع من كانون الثاني، وسط حالة من الغموض والانقسام السياسي الحاد بشأن احتمالات التوافق أو الإخفاق. ومع بدء العدّ العكسي، تشهد الساحة السياسية تحركات متسارعة ومرهونة بتطورات داخلية وخارجية تُلقي بثقلها على الاستحقاق الرئاسي.
انقسام داخلي ورهانات متباينة
يشهد الوسط السياسي انقسامًا حادًا حول فرص نجاح الجلسة المرتقبة، فبينما يرى البعض أن الأيام القليلة المتبقية قد تحمل مفاجآت أو "كلمة السر" المعتادة التي تفتح الطريق لانتخاب رئيس، يعبّر آخرون عن شكوكهم في إمكانية الوصول إلى توافق حاسم، مرجحين العودة إلى دوامة التأجيل والمراوغات السياسية.
تُجمع القوى السياسية على أهمية الحفاظ على نصاب الجلسة وضمان استمراريتها، لكن مع غياب التوافق شبه الإجماعي على مرشح معين، تبقى مخرجات الجلسة محاطة بعلامات استفهام كبيرة.
تحركات دولية لافتة
تزامنًا مع هذا المناخ الداخلي المشحون، تشهد الأيام المقبلة زيارات لافتة لعدد من المسؤولين الدوليين، ما يُضفي بُعدًا جديدًا على المشهد.
التحرك الفرنسي: من المنتظر أن يصل وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيان جان نويل بارو وسيباستيان لوكورنو إلى بيروت في رأس السنة، حيث سيتفقدان الكتيبة الفرنسية العاملة في قوات "اليونيفيل" بجنوب لبنان، ورغم أن الزيارة مخصصة للوقوف على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان و"إسرائيل"، يُتوقع أن تُلامس الزيارة ملف الانتخابات الرئاسية.
الدور القطري والأميركي: يتابع الموفد القطري لقاءاته مع القيادات السياسية اللبنانية في إطار مساعيه لتقريب وجهات النظر بشأن الاستحقاق الرئاسي، وسط معلومات عن تباين في الموقف القطري السعودي ضمن حدود التنسيق العربي. في الوقت نفسه، من المنتظر أن يزور المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بيروت في الخامس من كانون الثاني لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مع احتمال أن تشمل الزيارة نقاشات تتعلق بالاستحقاق الرئاسي.
المرشحون والمواقف المتباينة
في ظل غياب توافق واضح، برزت أسماء مرشحين محتملين يتفاوت الدعم الموجه إليهم، وتتصدر المشهد ترشيحات مثل العميد جورج خوري والوزير السابق جان لوي قرداحي، بدعم من الفاتيكان والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ومع ذلك، لا تزال الكتل السياسية الرئيسية تتجنب الإفصاح عن مواقفها النهائية بانتظار ما ستسفر عنه التحركات الدبلوماسية القادمة.
تحديات وضغوط داخلية وخارجية
تؤكد مصادر سياسية أن الضغوط الخارجية قد تلعب دورًا في توجيه الاستحقاق الرئاسي، لكنها ليست العامل الحاسم، فالقرار النهائي يبقى مرهونًا بالتفاهمات الداخلية، التي لم تنضج بعد، رغم كل التحركات.
خلاصة المشهد
الأيام المقبلة تحمل الكثير من الترقب والتوتر، وسط تكثيف الجهود المحلية والدولية لدفع عجلة انتخاب الرئيس الجديد، ورغم التحديات والغموض، يبقى موعد التاسع من كانون الثاني اختبارًا حاسمًا لمدى قدرة القوى السياسية على كسر حلقة الجمود أو الاستمرار في دوامة الانتظار.