تصعيد التوترات التركية-الكردية وأفق الحل في سوريا

رزان الحاج

2024.12.21 - 10:42
Facebook Share
طباعة

 رغم الضغوط الغربية لتركيا بالتهدئة في سوريا، فإن أنقرة تؤكد عزمها على القضاء على ما تعتبره تنظيمات إرهابية في سوريا، مستهدفةً بشكل خاص حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وقد أشار محللون إلى أن تركيا تسعى إلى تقويض القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، في خطوة قد تضعها في موقف معارض لحلفائها الغربيين، خاصة واشنطن.


في السياق، شدد المحلل السياسي التركي حمزة تيكن، على عدم وجود أي اتفاقيات بين أنقرة وقسد، مؤكدًا أن كل ما يثار عن مفاوضات أو هدنة بين الطرفين ليس إلا شائعات، ودلل على ذلك باستمرار الهجمات التركية على شمال شرق سوريا، وأوضح تيكن أن أنقرة تتفق مع دمشق في ضرورة أن تكون السيطرة على كامل الأراضي السورية بيد الحكومة السورية، مشيرًا إلى إمكانية إطلاق عملية عسكرية واسعة في شمال شرق سوريا ضد حزب العمال الكردستاني وقسد.
تيكن لم يقتصر على الاتهام بالارتباط بالإرهاب، بل اعتبر أن هذه التنظيمات لا تختلف عن تنظيم دا ع ش، في إشارة إلى تدميرها واستهدافها المدنيين في المناطق التي سيطرت عليها، وأضاف أن هناك توافقًا بين واشنطن وأنقرة لمحاربة هذه التنظيمات في سوريا.


من ناحية أخرى، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، عن قلقها بشأن أمن الأكراد في سوريا، معتبرةً أن هذا الأمن ضروري لمستقبل سوريا الآمن، وأكدت في تصريحات لها بعد اجتماعها مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، على أهمية تجنب التصعيد ضد القوات الكردية، ومن جانبها، تؤكد أنقرة أن قوات سوريا الديمقراطية هي امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردًا ضدها منذ ثمانينيات القرن الماضي.


وتجدر الإشارة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية ليست مدرجة على قوائم الإرهاب في أي دولة باستثناء تركيا. وتواصل واشنطن دعمها لهذه القوات، التي تعتبرها حليفة أساسية في محاربة تنظيم دا ع ش في سوريا، وقد صرح نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، بأن قسد مستعدة لإيجاد منطقة منزوعة السلاح تحت إشراف أميركي، رغم دعوات العديد من الدول الغربية لتركيا للتوقف عن مهاجمة قسد.


وفي الوقت نفسه، صرح لورانس ويلكرسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، بأنه لا يستبعد أن تغير الولايات المتحدة موقفها من الأكراد في سوريا، وقد تتخلى عنهم في إطار اتفاق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


تركيا ترى أن قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، تمثل تهديدًا مباشرًا، حيث تعتبرها جزءًا من حزب العمال الكردستاني الذي يتواجد على حدودها الجنوبية. وتخشى أنقرة من أن يؤثر أي نوع من الحكم الذاتي للأكراد في سوريا على أكثر من 20 مليون كردي يعيشون في تركيا.


وركزت تركيا مؤخرًا على منطقة عين العرب (كوباني) التي تعتبر ذات أهمية رمزية واستراتيجية بالنسبة للأكراد، وقد سبق لأنقرة أن شنت عمليات عسكرية مشابهة، أبرزها عملية "نبع السلام" في 2019، حيث سيطرت على أجزاء من الشمال السوري في إطار سعيها لإنشاء منطقة عازلة.


يرى اللواء صالح المعايطة، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن تركيا ترى ضرورة التوغل في العمق السوري وأن أي تراجع قد يعزز خصومها الإقليميين والدوليين. ويشير إلى أن قسد تعتمد على أوراق ضغط استراتيجية، مثل سيطرتها على 20% من الأراضي السورية التي تضم حقول النفط والسجون التي تحوي مقاتلي دا ع ش.


فيما يتعلق بالسيناريوهات المستقبلية، يرى المعايطة أن الوضع السوري قد يشهد عدة احتمالات، بما في ذلك نموذج شبيه بنظام طالبان، أو فدرالية جغرافية تحافظ على وحدة الأراضي مع إدارة ذاتية محدودة، أو تقسيم البلاد إلى مناطق أمنية على أساس طائفي وعرقي، بينما يبقى السيناريو الأكثر تفاؤلاً في إقامة دولة مدنية موحدة، وهو خيار صعب في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية.


في ظل هذه المعطيات، يبقى الوضع في شمال سوريا معقدًا، وتتصاعد التوترات بين أنقرة وقسد في إطار سباق محموم لتحقيق مكاسب على الأرض، ومع استمرار التحركات العسكرية التركية، يظل مستقبل المنطقة غير واضح، مع احتمالات كبيرة لتأثيرات عميقة على المشهد السوري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1