رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه العراق نتيجة الاضطرابات في المنطقة، ومنها الأزمة السورية الأخيرة، تشير تقديرات الخبراء إلى أن تأثير هذه الأزمات على الاقتصاد العراقي كان محدودًا. يُعزى ذلك إلى عوامل مثل الأسواق البديلة والمخزون الاستراتيجي، حيث يُتوقع أن يشهد الاقتصاد العراقي استقرارًا وتحولًا إيجابيًا في المستقبل القريب ضمن بيئة إقليمية مضطربة.
وأكد محمد حنون، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، أن الأسواق العراقية تشهد انسيابية كبيرة في توفير المواد الغذائية، دون تسجيل أي نقص ملحوظ، موضحا أن العراق يعتمد في استيراداته على دول الجوار، مثل إيران وتركيا والسعودية، بدلاً من سوريا.
وأشار حنون إلى أن التبادل التجاري مع سوريا كان محدودًا منذ عام 2011 بسبب الظروف الأمنية، مضيفًا أن التجار العراقيين لجأوا إلى دول أخرى لتعويض نقص السلع السورية، مؤكدا أن العراق يتطلع إلى استقرار الوضع السياسي في سوريا لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
تأثيرات الأزمة على السوق العراقية
رشيد السعدي، المتحدث باسم غرفة تجارة بغداد، أكد أن الأزمة السورية أثرت على السوق العراقية، خاصة في مجالات السياحة والزيارات الدينية والتبادل التجاري، مشيرا إلى أن ميزان التبادل التجاري كان يميل لصالح سوريا، حيث استورد العراق كميات كبيرة من المنتجات الزراعية والمنسوجات السورية.
وأوضح السعدي أن العراق يستورد من سوريا مواد إنشائية وزراعية، مثل الأسمدة والمبيدات، ومع ذلك، أدى إغلاق الحدود السورية وتدهور الأوضاع الأمنية إلى انخفاض التبادل التجاري، ما دفع العراق إلى الاعتماد على واردات من دول أخرى مثل إيران وتركيا.
حقول النفط والغاز
السعدي تناول أهمية خط تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري، والذي يُعد محورًا استراتيجيًا لصادرات النفط العراقية إلى أوروبا، ورغم تعطله منذ عام 2003، يبحث العراق عن سبل لإعادة تأهيله، إذ أعلن باسم العوادي، المتحدث باسم الحكومة العراقية، عن نية العراق إعادة تشغيل هذا الخط كجزء من استراتيجية تنويع المنافذ التصديرية.
توقعات بانفراج قريب
أفاد السعدي بوجود مؤشرات على استقرار الأوضاع في سوريا وعودة رجال الأعمال السوريين إلى نشاطاتهم التجارية، وأشار إلى وجود مشاورات مستمرة بين رجال الأعمال العراقيين والسوريين لتفعيل الشراكات التجارية، متوقعًا انفراجة قريبة في العلاقات التجارية بين البلدين.
الاحتياطات والمخزون الاستراتيجي
صفوان قصي، خبير اقتصادي، أكد أن العراق يمتلك مخزونًا كافيًا من المنتجات السورية لتلبية الطلب المحلي في الفترة المقبلة، ما ساهم في استقرار الأسعار، وأضاف أن فتح الحدود بين البلدين مستقبلاً قد يعزز التبادل التجاري، خاصة في قطاعات مثل إدارة المياه وتأمين الاستقلال الغذائي.
قصي شدد أيضًا على أن العراق يمكن أن يستفيد من خطوط أنابيب الغاز والنفط التي تمر عبر سوريا لتعزيز صادراته إلى أوروبا، ما يُقلل الاعتماد على الدولار ويزيد من الإيرادات الوطنية.
ختامًا
رغم التحديات، يمتلك العراق فرصًا لتحسين علاقاته التجارية مع سوريا واستعادة حجم التبادل التجاري السابق. مع استقرار الأوضاع في سوريا، يُتوقع أن تعود العلاقات الاقتصادية إلى طبيعتها تدريجيًا، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للبلدين، ويسعى العراق أيضًا لبناء تكتل اقتصادي في المنطقة لمواجهة المنافسة من إيران وتركيا، وهو هدف يبدو واقعيًا في ضوء المصالح المشتركة بين الدولتين.