في دراسة منشورة في موقع المجلس الأطلسي للدراسات الاستراتيجيّة، قدّمها كل من الباحثان هانس بينينديجك شغل منصب المدير الأول لسياسة الدفاع في مجلس الأمن القومي في إدارة كلينتون ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية في جامعة الدفاع الوطني. وتيم كوستر، مدير السياسات والقدرات الدفاعية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو عضو في مركز سكوكروفت.
من المرجح أن يعود الرئيس المنتخب دونالد ترامب لنغمته القديمة بشأن قيمة الناتو ومساهمة أوروبا في أمنها، وسوف يسعى لتقليص، أو إنهاء التزام الولايات المتحدة تجاه الحلف. بينما يريد الحلفاء الأوروبيّون إنقاذ هذا الحلف، مركّزين على قمّة حلف شمال الأطلسي في لاهاي التي ستجري في يونيو/حزيران 2025، والاتفاق على السبل التي تمكن أوروبا من تخفيف بعض الأعباء الدفاعيّة عن الولايات المتحدة.
يقول التقرير: إنّ القوى الأوروبية الكبرى تواجه نموّاً اقتصاديّاً ضعيفاً، إضافة إلى الوضع المقلق من الحرب في أوكرانيا، ولذلك، فإنّ الكثير من عبء القيادة سوف يقع على عاتق الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روتّه، فأوكرانيا ستكون الأولى في جدول الأعمال بالتأكيد، فبينما سيدفع ترامب من أجل التوصل إلى تسوية سريعة قد تؤدي على الأرجح إلى استمرار الاحتلال الروسي لبعض الأراضي الأوكرانيّة، ويتعيّن على أوروبا أن تسعى إلى صياغة مبادرة تجعل النصر الروسي باهتاً وفقاً لذلك. من الناحية العمليّة، فإن حصول أوكرانيا على عضويّة الناتو بات أمراً صعباً، لذلك فمن الممكن أن يقوم الاتحاد الأوروبي بإعطاء أوكرانيا عضويّة في الاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن الالتزام الدفاعي الأضعف إلى حد ما بموجب المادة 42.7.
يمكن لقمة الناتو في يونيو/حزيران 2025 أن تحتفل بحقيقة أن 23 دولة من أصل 32 دولة في الناتو تحقق الآن هدف الإنفاق الدفاعي البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي. ويحتاج الحلف إلى تشجيع الدول التسعة المتبقية على تحقيق هذا الهدف قريبًا، ولكن يجب عليه كي يوازي الإنفاق العسكري الصيني أن يرفع هدف الـ 2%، وربما إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية هذا العقد. إنّ التعهد بذلك قد يُبقي الولايات المتحدة في الحلف، كونه سيخفف العبء عن الولايات المتحدة، وهو بالتأكيد سيجعل الحلف أقوى.
وفي الوقت الحالي، هناك عمليات انتشار متقدمة معززة لحلف شمال الأطلسي في ثمانية من دول خط المواجهة في الناتو. وهي مجموعات قتالية بحجم كتيبة تضم كل منها حوالي ألف جندي، أو قد تصل إلى حوالي خمسة آلاف جندي كحد أقصى. وينبغي ترقية هذه القوات الثمانية بالكامل إلى مستوى اللواء، وتزويدها بمدفعية بعيدة المدى ودفاعات جوية، وزيادتها بمخزونات جاهزة للتعزيزات المستقبلية. بينما ستكون مساهمة الولايات المتحدة هي تعزيز وجودها في بولندا.
يتابع التقرير: وستكون المسؤوليّة الأساسيّة لحلف شمال الأطلسي هي الدفاع عن منطقة معاهدته. وقد يتولى الاتحاد الأوروبي المسؤوليّة الأساسيّة عن الصراعات في جنوبه، وفي أفريقيا في المقام الأول، وقد يكون الأمن في الشرق الأوسط مسؤوليّة وطنيّة مشتركة بقيادة أميركيّة، ولابد أن يمتد هذا التقسيم للمسؤوليّة الاستراتيجيّة عبر الأطلسي إلى آسيا، مع اتخاذ خطوات جديدة في لاهاي. لقد دفعت مؤتمرات القمم السابقة حلف شمال الأطلسي في هذا الاتجاه، كما يؤكد الدور القتالي الأخير الذي لعبته كوريا الشماليّة في حرب أوكرانيا على الارتباط بين الأمن الأوروبي والآسيوي. وفي حين تتحمل الولايات المتحدة المسؤوليّة الرئيسيّة عن دعم حلفائها الآسيويين ضد أيّ هجوم، فإن أوروبا تستطيع أن تفعل المزيد لتعزيز الردع هناك عن طريق آليّات لا تنتهك المادة الخامسة من معاهدة الحلف.
وهناك أخيراً معضلة خلل التوازن النووي بين أوروبا وروسيا في حال انسحاب ترامب من الحلف، وهو ما سيدفع ببريطانيا وفرنسا إلى إعادة النّظر في عقيدتهما النوويّة، مما سيعني استراتيجية كبيرة وطويلة، وهذا سيستتبع قيادة مباشرة للحلف من قبلهما.