تآكل الرّدع الأمريكي في البحر الأحمر يقلق الشركاء الأوروبيين قبل غيرهم

ثائر منصور

2024.11.24 - 09:35
Facebook Share
طباعة

 بعد أقلّ من سنة بقليل على إطلاق إدارة جو بايدن عملية "حارس الازدهار" لضمان حريّة الملاحة في البحر الأحمر، فإن أكبر مشكلة تواجه البيت الأبيض ليست تهديد الجيش اليمني فحسب، بل فشل الولايات المتحدة في حشد الشركاء والحلفاء خلف قيادتها، وبحسب تقرير للمجلس الأطلسي للعلوم الاستراتيجيّة، "فإن الرّد الدولي على تهديد الحوثيين لا يمثّل قصّة نجاح، كافحت إدارة بايدن لحشد الدعم الدبلوماسي والمساهمات العسكرية".


يتابع التقرير على لسان الباحثة جين سمّان وهو عضو في المجلس الأطلسي، وزميل في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية: "أولاً، كان الحلفاء الأوروبيون متشككين، وأعربوا عن عدم موافقتهم على دعم واشنطن للعمليّة الإسرائيلية في غزة وشككوا في الأهداف الاستراتيجية لعملية "حارس الازدهار"، ونتيجة لذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي في 19 فبراير/شباط الماضي عن عملية "أسبيدس"، وهي عملية أمنيّة بحرية خاصة به.


أثار إطلاق عمليّة "أسبيدس" التوترات بين المسؤولين من جانبي المحيط الأطلسي، فقد زعم المسؤولون الأمريكيين، أنّ أسبيدس تبعث برسالة انقسام بين حلفاء الناتو دون تقديم بديل موثوق به على المستوى العسكري.


ومن المشكوك فيه، من حيث الخدمات اللوجستية والمالية، أن تمتلك القوات البحريّة الأوروبيّة الوسائل اللازمة لمواصلة حملة مدتها أشهر بهذا الحجم، وهذا يسلّط الضوء على الانفصال بين الطموحات الأوروبيّة في مجال الأمن البحري وواقع مواردها العسكريّة، من جهة أخرى.


يضيف التقرير: كما قوبل ردّ الولايات المتحدة على أزمة البحر الأحمر بعدم الثقة من جانب شركاء البلاد في الخليج. ومن بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة، انضمت البحرين فقط إلى منظمة حارس الازدهار. وعلى وجه التحديد، رفضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة العملية الأمريكية بسبب خلافهما مع واشنطن حول الصراع في اليمن الذي سبق أزمة البحر الأحمر.


ونتيجة لذلك، يُنظر إلى الحملة الأمريكيّة الحاليّة، في الرياض وأبو ظبي على أنّها عمليّة محدودة، ومن غير المرجح أن تحل معضلاتهم. والأسوأ من ذلك أن مشاركتهم قد تنقلب ضدهم، وقد تؤدّي إلى استئناف هجمات اليمنيين على مدنهم، وإخراج المحادثات الهشة في اليمن عن مسارها.
كما لم تندفع الأنشطة البحريّة الهنديّة إلى الانضمام إلى العملية الأمريكيّة أيضًا. ويرجع هذا في الغالب إلى رغبة نيودلهي في الحفاظ على تقاليد عدم الانحياز، على الصعيدين الدبلوماسيّ والعسكريّ. وأيضاً فإنّ البحريّة الهنديّة تريد الاحتفاظ بحرية العمل في منطقة البحر العربي ومضيق عدن، والتي يمكن تقليصها إذا انضمت البلاد إلى عملية تقودها الولايات المتحدة.


ويُذكر أيضاً أنّ الصين امتنعت عن التدخل في الأزمة ورفضت العروض الأمريكية للتعاون.


وبشكل عام، تسلّط أزمة البحر الأحمر الضوء على عدم قدرة الولايات المتحدة على حشد شركائها خلف قيادتها، ناهيك عن بقيّة الأطراف، ولكن هل يعني ذلك أنّ قوّة أخرى حلت محل واشنطن؟
يذكر التقرير أنّ دول الخليج رفعت طموحاتها في السنوات الماضية كي يقوموا بدور أكبر في حماية مياه البحر الأحمر، لكنهم حتّى الآن لا يملكون حلاً موثوقًا للتحّكم والسيطرة، ويعود بعض هذا الفشل إلى القيود المفروضة على القوّات البحريّة الخليجيّة، سواءٌ من قبل الأمريكيين أنفسهم، أو من خلال اليمنيين الذين لم ينسوا تبنّي الدول الخليجيّة لحالة الانقسام اليمني.


وفي نهاية المطاف، فإن تآكل القيادة الأميركية يدفع كل لاعب إلى الدفع باتجاه أجندته على حساب إيجاد إطار عمل جماعي. ومن ثم يؤدي هذا إلى تفاقم الانقسام السياسي - ليس فقط في البحر الأحمر، بل في جميع أنحاء الخليج والشرق الأوسط. وهذا الاتجاه يضع المؤسسات الإقليمية القائمة جانباً ويفضل التحالفات المخصصة التي قد تتنافس مع بعضها البعض. وهذا يهدد بإهدار الموارد الدبلوماسية والعسكرية لأصحاب المصلحة، وهو ما له آثار فورية على نجاح عملية حارس الرخاء. وعلى المدى الطويل، تنبئ هذه التطورات في البحر الأحمر أيضًا بالصعوبات المتزايدة التي تواجهها واشنطن في تشكيل البنية الأمنية للشرق الأوسط.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4