“بيبيليكس”، نسبة إلى لقب رئيس الوزراء “بيبي”، هي الفضيحة الأخيرة في سلسلة فضائح المجرم الدولي بنيامين نتنياهو، وقد بدأت خيوط هذه الفضيحة تتجلّى للرأي العام الإسرائيلي بعدما نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية مقالاً في أوائل سبتمبر يستند إلى وثائق سريّة للغاية، زعمت ا أنها حصلت عليها من الكمبيوتر الشخصي "ليحيى السنوار"، زعيم حماس، الذي استشهد لاحقًا في أكتوبر وهو يقاتل القوات الإسرائيلية.
وأظهرت الوثائق، وفقا لتقرير صحيفة بيلد، أنّ حماس غير مهتمة بوقف سريع لإطلاق النار، وتعتقد أنّ احتجاجات عائلات الأسرى تصبّ في مصلحتها، لأنّها تضعف موقف إسرائيل التفاوضي.
نشر هذه الوثيقة، والتلفيق الذي رافقها استدعى تحرّكاً فوريّاً للأمن الإسرائيلي الذي فتح تحقيقاً في كيفيّة تسريب وثيقة مصنّفة "سريّ للغاية" إلى الصحافة الأجنبيّة.
وقد أظهرت التحقيقات الأوليّة أن جنديا قام -بشكل غير قانوني- بإزالة وثائق حماس من قاعدة بيانات عسكريّة، ونقلها إلى إيلي فيلدشتاين مستشار الاتصالات الذي يعمل لدى نتنياهو.
وتعمّد فيلدشتاين (32 عاما) بحسب المحققين، تسريب الوثائق إلى وسائل الإعلام بهدف إظهار أن احتجاجات عائلات الأسرى كانت تصب في مصلحة حماس، وذلك من أجل الضغط على هؤلاء لوقف احتجاجاتهم على سلوك نتنياهو، مما أدى إلى اعتقاله واحتجازه في السجن، هو وأربعة عسكريين على صلة بالقضيّة.
وأظهرت التحقيقات أنّه عندما رفضت وسائل الإعلام الإسرائيلية نشر تلك الوثيقة بسبب قواعد الرقابة العسكرية، تجاوز فيلدشتاين الرقابة المحلية من خلال إعطاء الوثيقة لصحيفة بيلد الألمانيّة، التي قامت بنشرها.
وردا على طلب للتعليق على ملفات القضيّة، قال مكتب نتنياهو: “يؤلمنا كثيرًا أن يتم تدمير حياة الشباب بمزاعم واهية لإيذاء الحكومة اليمينية”.
ولنتنياهو تاريخ في انتقاد سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية. وفي عام 2019، أصبح أول رئيس وزراء في تاريخ البلاد يُتهم بارتكاب جريمة، وهو بالمناسبة ينفي سلسلة من مزاعم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ويقول إن المحاكمة لها دوافع سياسية. وقد حاول محاموه مراراً وتكراراً تأخير إجراءات المحاكمة، مستشهدين بمسؤولياته القيادية في زمن الحرب.
وقال منتدى عائلة الرهائن في بيان يوم الاثنين إنه “شعر بالفزع من الجهود المستمرة التي يبذلها أفراد مقربون من رئيس الوزراء لتخريب صفقة رهائن محتملة”.
وانتقدت المجموعة الحقوقية، التي تمثل الأسرى وعائلاتهم، نتنياهو وحكومته مرارا وتكرارا بشأن المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى لدى حماس خلال هجمات 7 أكتوبر الإرهابية. ولا يزال نحو 100 شخص في الأسر، على الرغم من أن حوالي ثلثهم يعتقد أنهم لقوا حتفهم.
ولنتنياهو أيضاً باع طويل في التلاعب على الرأي العام، وخاصّة أنّ هذه الفضيحة جاءت بعد استجواب رئيس أركان جيش الاحتلال كجزء من تحقيق منفصل في مزاعم بأنه حاول التلاعب بسجلات الهاتف الرسمية من يوم الهجوم الإرهابي الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر، وتحقق الشرطة أيضًا في الاتهامات الموجهة ضد تساحي برافرمان، رئيس طاقم نتنياهو، إذ تم استجوابه، لكن لم يتم القبض عليه أو توجيه اتهامات إليه، وفقا لمسؤول في الشرطة الإسرائيلية مطلع على التحقيق.
وقال المسؤول إن الشرطة تحقق في مزاعم بأن برافرمان قام بتزوير سجلات الهاتف منذ صباح يوم 7 أكتوبر. يبدو أن التعديلات المزعومة تهدف إلى جعل الأمر يبدو وكأن نتنياهو قد بدأ التحرك بسرعة أكبر مما فعل.
اكتمل تحقيق الشرطة وسيتخذ المدعون الآن قرارًا بشأن ما إذا كانت هناك أي تهم تستحق ذلك.
وقال جاك تشين، محامي برافرمان، لشبكة إن بي سي نيوز إن الوضع كان نتيجة لسوء فهم حول ترتيب المكالمات الهاتفية خلال الساعات الأولى الفوضوية لهجوم حماس. وقال إن برافرمان شرح سوء التفاهم للشرطة، وأطلقوا سراحه دون أي شروط مقيدة.
ولم يعلق مكتب نتنياهو بشكل محدد على استجواب برافرمان، لكنه أشار إلى بيان سابق أدلى به رئيس الوزراء في 10 نوفمبر، قال فيه: “في الأيام القليلة الماضية، تعرض مكتبي لهجوم شرس وغير مقيد”. “الهدف ليس حماية أمن الدولة. الهدف هو الترويج لأجندة الضعف والتنازلات خلال الحرب”.