هل نشهد آخر انتقال سلمي للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكيّة؟

ثائر منصور - وكالة أنباء آسيا

2024.11.19 - 10:45
Facebook Share
طباعة

 أبدت إدارة بايدن من خلال ببيان علني عن "الانتقال السلمي للسلطة" إلى دونالد ترامب، متفاخرةً بهذا التراث الديموقراطي العريق من التداول السلمي، غير أنّ هذا البيان المُصاغ بخبثٍ شديد قد يُخفي الكثير من الحقائق، أو ربّما شيفرة مضادّة للديموقراطيين للبدء بنشاطات تمرديّة في الإدارات الرسميّة في مواجهة خطّة ترامب المُعلنة في تصفية مراكز القوى الديموقراطيّة في الحكومة الأمريكيّة!


قد يجد البعض هذا الكلام مبالغاً فيه، غير أنّ ترامب لم يترك لأعدائه أدنى شك حول نيّته القيام بثورة شخصيّة على صعيد تطهير البلاد من أنصار الحزب الديموقراطي، مما يعطي بالمقابل مبررات إلى الحزب الديموقراطي للبدء بتخريب البلاد، فترامب عيّن في طاقمه الجديد شخصيّات غير كفؤة في العديد من المناصب الرئيسيّة على أساس الموالاة العمياء له، وهي بحكم مستواها المهني ووجهات نظرها، ليست قادرة على قيادة هذه الإدارات بقدر ما هي قادرة على تفكيكها وتدميرها، ويبدو أنه ليس لديهم مهمة أخرى سوى العمل على تطهيرها من أنصار الديمقراطيين.


غير أنّ أغرب ما في خطّة ترامب هو نيّته للترشّح إلى ولاية ثالثة، إذ تطرّق صراحةً إلى فرضيّة ترشّحه مجدّدا للرئاسة خلال خطاب ألقاه أمام أعضاء من الحزب الجمهوري، الأربعاء الفائت، في واشنطن، وذلك خلال اجتماع مع الجمهوريين في مجلس النواب، وقال رداً على سؤالٍ وُجّه له عن الترشّح لمرّة ثالثة: "أظنّ أنني لن أترشّح إلا إذا اعتبرتم أنني جيّد ولابدّ إذن من التفكير في شيء آخر"، وكان في ولايته الأولى (2016-2020) قد أبدى إعجابه بتجربة الصين التي تخوّل الزعيم شي جين بينغ أن يكون "رئيسا مدى الحياة" بعد إلغاء تقييد الرئاسة بمدتين.


ولا يخفى على أحد أنّ هذا الأمر لا يكاد يكون ممكناً من دون قمع المعارضة بالقوّة، والقيام بعمليات تطهير واسعة لمراكز القوى، بشكل يسمح احتمال وصول ترامب وأنصاره إلى السلطة لفترة طويلة في المستقبل المنظور.


على أي حال، فإن مثل هذا التطهير المُعلن عنه صراحة من قبل ترامب هو بمثابة إعلان عن عدم إمكانية العودة إلى الحالة الفعلية السابقة لجهاز الدولة، لأنّه إذا فاز الديمقراطيون فيما بعد، فسوف يتبع ذلك عملية تطهير مضاد وهكذا، مما سيؤدي بالضرورة إلى تدمير مفهوم الاستمرارية ومفهوم جودة الحكم.


وفي أحسن الأحوال، فإنّ ما يخطط له ترامب من ترسيخ لسلطة عصابته الإداريّة، وإمساكه بمراكز القرار في الولايات المتّحدة سوف يُضعف قدرة جهاز الدولة على الاستمرار، إلا إذا كانت السلطة دائمة، وهذا، في ظروف الأزمة الاقتصاديّة وتراجع شعبيّة أي إدارة، لا يمكن تحقيقه إلا مع إلغاء الانتخابات وقمع المعارضة بالقوّة، باختصار، إذا بدأت عملية التطهير، فهذا يعني بداية حرب أهليّة، على الرغم من أنه قد لا تكون هناك اشتباكات ودماء في الشارع، لكن على الأرجح سيفعلون ذلك، وربّما بدأت السينما الأمريكيّة تبشّرتا بذلك في وقت سابق من هذا العام مع فيلم أليكس جارلاند "civil war".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8