لاحظت الأوساط المتابعة أنّ فولوديمير زيلينسكي غيّر مساره الخطابي الذي اتصف به منذ أوّل الحرب الروسيّة الأوكرانية، وأعلن عن "خطة مرونة" داخلية شاملة من عشر نقاط خلال خطابه المسائي في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أشهر من الحديث عن "خطة النصر" لأوكرانيا.
وقال زيلنسكي: "إن تفاصيل خطة المقاومة سيتم الكشف عنها الأسبوع المقبل، لكنّها تأتي في وقت يبدو فيه الدعم المستمر لحرب أوكرانيا ضد روسيا من الولايات المتحدة غير مرجح على نحو متزايد".
قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب في أول تعليقات له بشأن أوكرانيا في مقابلة أجريت معه يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر: "سنعمل بجد فيما يتعلق بروسيا وأوكرانيا، يجب أن تتوقف روسيا وأوكرانيا".
هذا وقد نفدت أموال الولايات المتحدة المخصصة لأوكرانيا في بداية هذا العام، وحتى بعد موافقة الكونجرس على حزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار في 20 أبريل، اشتكى زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر من أن 10٪ فقط من هذه المساعدات وصلت منذ ذلك الحين إلى أوكرانيا.
ويعكف فريق ترامب حاليًا على وضع خطة جديدة للحرب الأوكرانية، ولم يتم اتخاذ أي قرار بعد، وفقًا لتقارير أمريكية، لكن معظم الخطط تتضمن تنازل أوكرانيا عما يصل إلى 20٪ من أراضيها لروسيا، وإنشاء شكل من أشكال المنطقة منزوعة السلاح في أوكرانيا.
ويقول زيلينسكي: إن بانكوفا (أي القصر الرئاسي الأوكراني) يهدف إلى تعبئة الموارد الداخلية لأوكرانيا لتحقيق "نصر آمن وعادل" في الصراع المستمر مع روسيا، وأضاف أن الخطة ستتناول مجالات رئيسيّة من الأمن القومي إلى السيادة الثقافية.
"هناك عشر نقاط [من خطة المرونة الداخلية] في المجمل، سيتم تقديمها الأسبوع المقبل، ولكل نقطة، بالتعاون مع المجتمع المدني الأوكراني، جنبًا إلى جنب مع الجميع المستعدين للمساهمة بالأفكار العقلانية، وسنقوم بإعداد خطة وثيقة تأسيسيّة وعقائديّة لأوكرانيا تتضمن حيّزاً كبيراً من المرونة!
وتسعى خطة المرونة هذه إلى توجيه القدرات الداخليّة لأوكرانيا لتأمين ما وصفه زيلينسكي بـ "النصر"، وهو المصطلح الذي ادعى أنه جزء لا يتجزأ من الروح الوطنيّة الجماعيّة لأوكرانيا، وأكد أنّ "كل واحد منا - كل الأوكرانيين - الملايين الذين يحلمون بإنهاء هذه الحرب بطريقة تخص أوكرانيا فقط، والذين يعملون ويقاتلون لتحقيق هذا الهدف".
يتّضح من هذا الخطاب -كما يقول محللون- أنّ وضع القوات المسلحة الأوكرانية بات يائسًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى، إذ تقوم القوات المسلحة الروسيّة، "بتقطيع" الدفاعات الأوكرانية، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مجلة الإيكونوميست، وكذلك فقد ذكرت صحيفة bne IntelliNews، فإنّ القوات المسلحة الأوكرانية تفتقر بشكل متزايد للرجال والمال والعتاد.
وتتطرق خطة المرونة أيضًا إلى أمن الطاقة والقدرات الدفاعية، وكلاهما أمر بالغ الأهمية بعد أن دمّرت روسيا نصف قدرة التوليد في أوكرانيا في أعقاب تصعيد القصف الصاروخي الذي بدأ في آذار الفائت.
وأضاف زيلينسكي لصحيفة أوكرينسكا برافدا: "لقد تناولنا بالفعل النقاط المتعلقة بالطاقة - تم إعداد كل شيء بالتفصيل - بالإضافة إلى الأسلحة، بما في ذلك إنتاجنا والتعاون مع الحلفاء"، ملمحًا إلى مبادرات جديدة محتملة لتعزيز الإنتاج المحلي.
وبالإضافة إلى الأمن الجسدي، فإن الخطّة تخاطب شعور أوكرانيا الجديد بالفخر الوطني، وسوف تركز بشكل كبير على السيادة الثقافيّة لأوكرانيا، خلال المناقشات، سلط زيلينسكي الضوء على أهميّة الحفاظ على التراث الثقافي لأوكرانيا، وتعزيز التعبير الثقافي المعاصر وتعزيز الدبلوماسية الثقافية للحفاظ على حضور أوكرانيا العالمي، ولتحقيق هذه الغاية، يجب تعزيز الوحدة الحقيقية والفعالة داخل المجتمع الثقافي في أوكرانيا. وهذا جزء من قوتنا وعنصر في ضمان علاقات أوكرانيا مع العالم العالمي» كما قال زيلنسكي.
وتأتي هذه الخطّة بعد الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش الأوكراني في الفترة الأخيرة، وفشل الهجوم الانتحاري الذي شنّته القوّات الأوكرانيّة في عمق الأراضي الروسيّة في منطقة كورسك، والأنباء المتلاحقة عن قرب توقّف الدّعم الأمريكي لأوكرانيا نهائيّاً.