يبدو أنّ الأمور في أوكرانيا تتجه إلى الحسم، بعد الاتصال الإعلامي الذي تمّ بين المستشار الألماني، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذا الاتصال ما كان ليتم في عهد بايدن، أو خليفته كاملا هاريس، ويعتقد مراقبون أنّ هذه أولى بوادر انتخاب ترامب، الذي صرّح في حفل بمنتجعه مار إيه لاغو في فلوريدا: "سنعمل بجدية شديدة على الحرب روسيا وأوكرانيا، يجب أن تتوقف"، بينما أعرب عن أسفه على الوفيات التي تسببت فيها الحرب.
وفي أول اتصال بينهما منذ نحو سنتين، عرض شولتس وبوتين مواقفهما بشأن النزاع في أوكرانيا، وحضّ المستشار موسكو على التفاوض للتوصل إلى “سلام عادل” في حين أصر بوتين على تنازل كييف عن أراض.
وقد أدّى هذا الاتصال إلى موجة انتقادات عارمة سواءٌ في أوكرانيا، أو في ألمانيا ذاته، إذ قال المتحدث باسم السياسة الخارجيّة يورغن هاردت لإذاعة دويتشلاند فونك: إنّ بوتين “سيفهم حقيقة أن شولتس أجرى الاتصال به كعلامة ضعف وليس قوة”، كما اتهم هاردت المستشار شولتس بمساعدة فلاديمير بوتين في تحقيق “انتصار دعائي” لأسباب سياسيّة محليّة ألمانية، مشيراً إلى أنّه على ما يبدو “لم يقدم أيّ اقتراح جديد ملموس، أو حتى يوجه إنذاراً نهائياً”. ويواجه شولتس انتخابات تشريعية مبكرة في 23 شباط/فبراير 2025 وتناوباً محتملاً في قيادة البلاد.
ويبدو أنّ القيادة الروسيّة تلقّفت النويا الغربيّة تلك، إذ شنّت الجمعة أكبر هجوم جوي لها على أوكرانيا منذ أشهر، فأصابت البنية التحتيّة للطاقة في جميع أنحاء البلاد، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وتسبب في أضرار واسعة النطاق.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن ما يقرب من 120 صاروخًا و90 طائرة مسيرة تم إطلاقها خلال الليل في الهجوم الروسي. وأضاف أن قوات الدفاع الأوكرانية دمرت أكثر من 140 هدفا جويا، وأضاف أنه تم استهداف جميع أنحاء أوكاين، بما في ذلك المناطق الغربية.
وقال زيلينسكي صباح الأحد: “لسوء الحظ، تعرضت بعض المنشآت لأضرار بسبب الضربات المباشرة والحطام المتساقط”. وأضاف الزعيم الأوكراني أن بعض المناطق لا تزال بدون كهرباء، وتعمل السلطات على استعادتها.
كما قُتل شخصان في غارة بطائرة بدون طيار في منطقة ميكولايف، بينما أصيب ستة آخرون بينهم طفلان، وقال الحاكم: إن شخصين آخرين قتلا في أوديسا في هجوم أدّى أيضا إلى إصابة صبي يبلغ من العمر 17 عاما، كما قتلت امرأة في سيارتها في منطقة لفيف.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية إن آخر هجوم مماثل حدث في 28 أغسطس، عندما أطلقت روسيا 127 صاروخًا و109 طائرات بدون طيار هجومية على أوكرانيا.
وتسببت الضربات الليلية في انقطاع التيار الكهربائي في عدة مناطق، بما في ذلك أوديسا، حيث انقطعت إمدادات التدفئة والمياه والكهرباء، وتعمل المستشفيات بالكهرباء من المولدات، وقالت شركة الطاقة الأوكرانية DTEK إن محطات الطاقة الحرارية التابعة لها تعرضت للهجوم وتعرضت المعدات “لأضرار بالغة”.
وصلت الحرب - التي تقترب الآن من عامها الثالث - إلى نقطة حرجة بالنسبة لأوكرانيا، حيث حققت روسيا مكاسب عبر الخطوط الأمامية واستعادة دونالد ترامب السيطرة على البيت الأبيض، وهو ما قد يعني نهاية الدعم الأمريكي الحيوي، وهذا ما عبّر عنه بشكل مباشر نجل الرئيس ترامب، الذي قال لزيلنسكي أنت على بعد أيّام من خسارة مصروفكّ!
ويأتي الهجوم بين عشية وضحاها في الوقت الذي تحقق فيه روسيا مكاسب في المواقع الرئيسية على طول الخطوط الأمامية في شرق وجنوب شرق أوكرانيا، وتقترب من المراكز الرئيسية مثل مدينة كوراخوف.
كما أعلنت روسيا السبت أنها استولت على مستوطنتين شرقيتين أخريين في منطقة دونيتسك، على الرغم من عدم وجود تأكيد من أوكرانيا، وفي الوقت نفسه، تستعد موسكو لشن هجوم مضاد في منطقة كورسك بجنوب روسيا، موقع النجاح العسكري الكبير الوحيد الذي حققته كييف هذا العام.