توقعات اميركية لعلاقة ترامب ونتنياهو

اعداد المحرر السياسي

2024.11.10 - 10:41
Facebook Share
طباعة

 ترى صحيفة «واشنطن بوست» أنّ نتنياهو «يعلّق آماله على دعم ترامب» المعروف تاريخياً بانحيازه إلى إسرائيل، مستدركة بأنّ «أياً من نتنياهو وترامب لا يملك رؤية واضحة لغزة ما بعد الحرب». وتشير الصحيفة الأميركية إلى أنّه «في داخل إسرائيل الممزقة بفعل أطول حرب في تاريخها، والعاصفة بالأزمات الداخلية، هناك الكثيرون ممن تنفسوا الصعداء لمجرد سماعهم بالانتصار الساحق لترامب»، مضيفة أنّ موجة «التفاؤل» تلك انسحبت على «معسكر الصقور، الذي يراهن على أن ترامب سوف يسمح لتل أبيب بمواجهة طهران، بصورة مباشرة، وعلى نحو أكبر». وفي هذا الإطار، يقول يوئيل غوزانسكي، وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في حديث إلى الصحيفة، إنّه «وعلى الرغم من أن العديد من الإسرائيليين يقدّرون الدعم العسكري والسياسي غير المشروط تقريباً الذي قدمه الرئيس جو بايدن منذ هجمات السابع من أكتوبر، إلا أن كثيرين منهم يعتقدون أن بلادهم ستكون أفضل حالاً في عهد ترامب»، مشيراً إلى أنّه يسود شعور عام لدى هؤلاء «بأن الليونة التي أبداها بايدن تجاه إيران، ومحاولاته خلال العامين الأولين من ولايته إبرام صفقة (نووية) معها، تعدّ جزءاً من الأسباب التي جعلت الإيرانيين يشعرون بالجرأة (ضد إسرائيل)، وكذلك وكلائهم الإقليميين”.
من جهته، يقول السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، مايكل أورين، إنّ «ترامب يتمتع بسجل مؤيد لإسرائيل أكثر من أي رئيس (أميركي آخر)»، مرجّحاً أن تكون سياسته داعمة لإسرائيل، كما كانت عليه الحال في ولايته الرئاسية الأولى. وقد كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» «أنّ المسؤولين الإسرائيليين عمدوا، خلال الأشهر الماضية، إلى تقديم إحاطات بخصوص الحرب في غزة إلى كل من جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي كان مكلفاً بالعمل على قضايا الشرق الأوسط خلال فترة ولايته الأولى، وكذلك ديفيد فريدمان، الذي شغل منصب سفير ترامب في إسرائيل خلال الفترة نفسها.
على رغم ما تقدم، تشير «واشنطن بوست» إلى أنّ «الباع الطويل لترامب في دعم إسرائيل» من جهة، ومحاولته، من جهة ثانية، استمالة العرب، الذين أصبح عدد كبير منهم في عداد التحالف الانتخابي الداعم له، يثيران «جبلاً من التساؤلات» حول سياساته الخارجية المحتملة في الشرق الأوسط، لافتة إلى أن عوامل أخرى متصلة بطبيعة «شخصيته غير القابلة للتنبؤ»، ووجود «قوى انعزالية فاعلة في الحزب الجمهوري» تعمّق تلك التساؤلات، فضلاً عن وجود حالة من الانقسام في إسرائيل نفسها. وترى أنه «وعلى الرغم من أن ترامب سبق أن أشار إلى أنه سيركز على الشؤون الداخلية لبلاده، إلا أنّ القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط قد تكون استثناءً في هذا الخصوص»، لتعود وتطرح تساؤلاً مفاده: هل سيساعد ترامب في الدفاع عن إسرائيل ضد إيران، أم سيختار التصرف وفق مبدأ أميركا أولاً؟».
وفي هذا السياق، يتساءل مدير برنامج العلاقات العربية الإسرائيلية في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، ديفيد ماكوفسكي: «هل تعني دعوة ترامب، نتنياهو إلى إنهاء المهمة في غزة أن لديه مطلق الحرية في التعامل مع ما تبقى من حركة حماس؟
أم أن الحرب يجب أن تنتهي بصورة فورية (بصرف النظر عن الكيفية والثمن)؟»، معلقاً بالقول إنّ «هذه التساؤلات تعدّ جزءاً من ألغاز» السياسة الأميركية في العهد الجديد.
وفي ضوء تعهد ترامب بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، تتساءل مجلة «ذي إيكونوميست»، نقلاً عن مصدر ديبلوماسي غربي، عمّا «إذا كان ترامب سيكون راغباً في أن تظلّل أجواء الحرب في المنطقة عامه الأول من ولايته»، معتبرة أن عرضه لإنهاء الحرب يحمل وجهين، وهما: إما «أن يطلب من إسرائيل سحب قواتها من لبنان وإعطاء موافقتها على وقف إطلاق النار هناك»، أو أن «يدعم اجتياحاً برياً إسرائيلياً أوسع للبنان بغية اجتثاث حزب الله». وتضيف المجلة البريطانية أن الإجابة عن تلك التساؤلات «منوطة بفريقه الاستشاري»، ولا سيما أن الرجل قد أوكل إلى والد صهره اللبناني، مسعد بولس، مهام استشارية حول القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، وهو ما يعني» تبلور مصلحة جديدة لترامب في شأن لبنان».
وتستعرض المجلة تقديرات متفاوتة في شأن نيات الإدارة الأميركية العتيدة تجاه إيران، في ضوء تصريحات علنية للرجل زعم فيها أنّه «لا يريد أن يلحق الضرر» بإيران، مدعياً أنّه يريدها «دولة ناجحة» وإن كان لا يرغب في أن يمتلك الايرانيون أسلحة نووية. وتتحدث عن تنوع التوجهات ضمن فريق ترامب الخاص بالسياسات الخارجية؛ إذ يضم هذا الأخير شخصيات مقربة من «منظمة الدفاع عن الديموقراطيات» ذات التوجه الصهيوني، والداعية إلى إسقاط النظام في إيران، في مقابل شخصيات أخرى يمثلها نائبه جي دي فانس «غير المتحمس لخوض أي حرب جديدة»، وخاصة ضد إيران، علماً أن مشروع لحملة ترامب، يتطرق إلى خيار العقوبات على طهران ولا يشتمل على أي تدابير عسكرية بوجهها. ومن منظور المجلة، فإنّه وفي ضوء قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بنسب لا تقل عن 60 في المئة، فإنّ «ترامب قد يكون مضطرّاً إلى اتخاذ قرار في شأن ما إذا كان يعتزم التفاوض على صفقة جديدة مع إيران، أو الموافقة على العمل العسكري ضد مواقعها النووية». ويرجّح الخبير في العلاقات الأميركية الإسرائيلية في «جامعة تل أبيب»، أودي سومر، أن «يسير ترامب على هدي حدسه (في مجال السياسة الخارجية)، بين كل تلك المؤثرات»، مستنتجاً أن يسفر الأمر عن حالة «عدم يقين» على مستوى النهج الخارجي، وخصوصاً على مستوى حربَي غزة ولبنان.
وفي مقابل أصوات الحكومة اليمينية في إسرائيل، والتي تعكس ميلاً إلى الاستمرار في حربَي غزة ولبنان، وربما توسعتها لتشمل إيران، تتوقف «واشنطن بوست» عند ما تسمّيه «أصواتاً معتدلة» يمكن أن يُنصت إليها الرئيس الأميركي المنتخب، مبيّنة أنّ هؤلاء «يأملون بأن يتمكن الأخير من دفع نتنياهو نحو إنهاء الحروب وإعادة الأسرى» المحتجزين لدى فصائل المقاومة في غزة، مضيفة أنّ «ملايين الإسرائيليين يرون أن بقاء كيانهم بات على المحك، وذلك في ظل حرب يخوضها الجيش الإسرائيلي مع حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وإيران وعدد من وكلائها في جميع أنحاء المنطقة، في موازاة عدم قدرة نتنياهو على ترجمة المكاسب العسكرية للجيش، وتعزيز حالة من الشعور بالأمن المستدام» للإسرائيليين.
كما تنقل «واشنطن بوست» عن مصادر ديبلوماسية، تقديرها أن «ترامب قد يسمح لإسرائيل بمواصلة هجماتها ضد طهران بصورة أقسى، وأشدّ عدوانية»، لافتة إلى أنّه سيصرّ في الوقت نفسه على حثّ نتنياهو على «وقف القتال في غزة ولبنان بحلول موعد أدائه اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني». وفي السياق نفسه، ينبّه الديبلوماسي الإسرائيلي السابق، والمدير السابق لجماعة الضغط اليهودية في الولايات المتحدة «جي ستريت»، ناداف تامير، إلى أنّ «مثل هذا النوع من الضغط على نتنياهو، قد يعمّق المأزق الاستراتيجي لإسرائيل، لأن ترامب، خلافاً للإدارة الديموقراطية، ليس في وارد العمل على خلق بديل ديبلوماسي للقضاء على حزب الله وحماس».
وبحسب الصحيفة، تظل رؤية ترامب للشرق الأوسط «سؤالاً مفتوحاً»، وإن كان يُتوقع أن تسوء علاقاته مع السلطة الفلسطينية، كما كانت عليه الحال في ولايته الرئاسية السابقة، وأن تتعزز مع السعوديين، الذين أصبحوا «أكثر إصراراً على إقامة دولة فلسطينية»، بعد حرب غزة، رغم أنّهم حافظوا على روابطهم بالرئيس الأميركي السابق، من خلال توطيد علاقاتهم بصهره اليهودي، جاريد كوشنر، أحد «عرّابي صفقة القرن»، ومسار «أبراهام» للتطبيع بين عدد من الدول العربية وإسرائيل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3