تستمر “هيئة تحرير الشام” والفصائل العاملة ضمن مناطق سيطرتها في التحضيرات المكثفة لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع عسكرية للجيش السوري في مدينة حلب وأرياف اللاذقية وحماة وإدلب.
في هذا السياق، أعلنت “سرايا المقاومة الشعبية” التابعة للهيئة عن إعادة فتح باب الانتساب والتطوع في مختلف التخصصات، بما في ذلك المجالات الطبية، الإدارية، العسكرية، القتالية، التمريض، الإطعام، والتذخير. وتنتشر مراكز الانتساب في مدن وبلدات رئيسية مثل إدلب، سرمدا، حارم، أريحا، كفرتخاريم، سلقين، وجسر الشغور.
وأعلنت غرفة عمليات "الفتح المبين" التي تضم فصائل معارضة أبرزها "هيئة تحرير الشام" العاملة في إدلب استعدادها وجاهزيتها لأي تطور أو تصعيد في مناطق شمال غرب سوريا.
وزعمت "الفتح المبين"، في بيان السبت، إن دمشق وطهران "تمارسان عدوانا مستمرا على المدنيين في الشمال السوري، إذ شهدت الأسابيع والأيام الماضية عمليات قصف بالمدفعية الثقيلة والطيران الحربي واستهدافا للآمنين.
وأكد المتحدث الرسمي باسم فصيل "جيش العزة" المنضوي ضمن غرفة العمليات العقيد مصطفى بكور أن النية للعمل العسكري موجودة، ولم تتغير منذ توقف القتال عام 2020، موضحا أن مرحلة الاستعداد والتحضير مستمرة، وتم إنجاز نسبة كبيرة منها على امتداد خطوط الجبهات.
وقال بكور في حديث صحفي إن السيناريو المتوقع هو عملية هجومية شاملة ومتزامنة ومنظمة بدقة على مختلف المحاور، تؤدي بحسب زعمه إلى هزيمة كبيرة للجيش السوري.
وبشأن إمكانية وصول فصائل المعارضة لمدينة حلب، أكد بكور أن "الفصائل الثورية" تضع عينها على المدينة ومختلف المناطق السورية، "باعتبار أن المعركة معركة تحرير من احتلال أجنبي، وبما أن حلب تتميز بموقع جغرافي واقتصادي مهم وتعتبر العاصمة الثانية لسورية، فمن الطبيعي أن تكون هدفا للفصائل"، وفق قوله.
وتكثف الهيئة جهودها لزيادة أعداد المقاتلين وتجهيزهم، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية عسكرية لقوات خاصة وتحضير أسلحة ثقيلة ومسيّرات وتجهيزات لوجستية، تحضيراً لما تسميها بمعركة حاسمة تهدف إلى استعادة السيطرة على مناطق واسعة كانت قد فقدتها الفصائل.
ودفعت “هيئة تحرير الشام” أمس تعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور ريف حلب الغربي، حيث جرى تثبيت راجمات صواريخ ومدفعية ثقيلة، إضافة إلى استخدام أسلحة نوعية مثل صواريخ “تاو” الأمريكية التي عادت للواجهة مجدداً.
في الجهة المقابلة، تشهد الجبهة تصاعداً في التحشيد العسكري من قبل الجيش السوري، وخصوصاً في محاور حلب وريفها الغربي.
و استقدمت قوات الجيش السوري تعزيزات عسكرية إضافية ضمت وحدات من الفرقة الرابعة، الفرقة 25 مهام خاصة، الفيلق الخامس، والحرس الجمهوري، حيث تمركزت هذه القوات في ضواحي حلب وريفها الغربي. وشوهد أمس، تحركات عسكرية تحت إشراف قائد الفرقة 25 نحو المحاور الغربية لحلب، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي في أجواء ريف إدلب، إضافة إلى طائرات استطلاع لمراقبة الوضع عن كثب.
التعزيزات التي وصلت شملت سيارات مزودة برشاشات ثقيلة، وجنوداً، وذخيرة، وغرفاً طبية ميدانية، مما يعكس التحضير الواضح لمواجهة عسكرية كبيرة.
ورغم الرفض التركي المتواصل للدعوات المتزايدة من “هيئة تحرير الشام” وجهات خارجية لمنح الضوء الأخضر لفتح معركة جديدة في حلب، إلا أن “الهيئة” تبدو عازمة على المضي قدماً في هذه الاستعدادات، مع تركيز كبير على هذه المدينة المحورية.
من الجدير بالذكر أن “سرايا المقاومة الشعبية” لم تشارك في أي معارك فعلية منذ تأسيسها، واقتصرت أنشطتها خلال عام 2019 على الأعمال اللوجستية مثل رفع السواتر الترابية وحفر الخنادق ولكن، مع تزايد التوترات العسكرية على مختلف الجبهات، أعلنت الهيئة تفعيل السرايا من جديد استعداداً للمشاركة في العمليات القتالية المقبلة.
لم تشهد خطوط التماس بين الفصائل والجيش السوري تعزيزات عسكرية مماثلة منذ سنوات، كتلك التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية في جبهات ريف حلب شمال غربي سوريا.
ويبدو الترقب سيد الموقف لدى غالبية سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية، ليصبح الحديث عن المعركة هو السائد في أحاديث عامة السوريين في إدلب وريف حلب، وسط تباين في الآراء بين الحماس للمعارك والانتصارات والمخاوف من أي تبعات عسكرية على المدنيين.