ما هي تداعيات امتلاك اليمن "الصاروخ فرط صوتي"؟

2024.09.17 - 11:16
Facebook Share
طباعة

يوم 14 آذار 2024، خرج الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي ليكذب تصريح جماعة أنصار الله  بامتلاكهم صاروخا فرط صوتي، لأنه يدرك ما معنى امتلاك هذا السلاح، ويوم 15 سبتمبر/أيلول 2024، يستعمل أنصار الله هذا الصاروخ لضرب عمق الكيان الإسرائيلي. حدث يثير الهلع نسبيا في صفوف الغرب، بسبب

الوضع الشائك في الخليج والشرق الأوسط.

 

بدأت الحكاية يوم 14 مارس، حيث تنقل الوكالة الروسية نوفوستي عن مصدر يمني امتلاك هذا البلد للسلاح الفرط صوتي، وكتبت «اختبرت القوات اليمنية صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت 8 ماخ حوالي عشرة آلاف كلم في الساعة وذا قوة فتاكة عالية»، وتابع «هناك نية لإطلاق إنتاجه وإدخال مثل هذه الصواريخ في ترسانتنا العسكرية، للاستخدام

في الهجمات في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن واستهداف مواقع في الكيان الاسرائيلي».

 

إذا امتلك أنصار الله بعضا من هذه الصواريخ، فهم قادرون على زرع الرعب في الكيان الاسرائيلي وإغلاق باب المندب أمام الملاحة الدولية بصورة مطلقة

 

لم يهتم الإعلام العربي بالحدث، واكتفى بنشر خبر صغير عنه، إذ عادة لا يثق الاعلاميون العرب في الأخبار المتعلقة بنوعية الأسلحة الجديدة، التي تظهر في الشرق الأوسط، وقد يعود هذا إلى استمرار الانبهار بالسلاح الغربي، لكن واشنطن اضطرت إلى تكذيب الخبر، على لسان الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي. ويحمل

خروج هذا المسؤول بالضبط رمزية كبرى، لأنه الناطق باسم مجلس يسهر على أمن وسلامة الولايات المتحدة والغرب. لم تكتف واشنطن بتكذيب واحد، بل نقلت وكالة «اسوشيتد برس» في اليوم نفسه عن المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ قولها: «ليس لدينا ما يشير إلى أن أنصار الله لديهم صواريخ فرط صوتية». لكن البنتاغون، ووعيا منه بمفاجأة

 

ما، ترك باب التكهن بالأسوأ مفتوحا، حيث نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أمريكي كبير قوله وقتها إن «أنصار الله أجروا تجربة إطلاق صاروخ جديد متوسط المدى»، وترك الغموض حول نوعيته. وكانت «سي أن إن» قد نقلت عن مسؤول عسكري كبير أن «أنصار الله يواصلون مفاجأتنا وليس لدينا فكرة عما لديهم من أسلحة». تكذيب

واشنطن رسميا لخبر حصول جماعة أنصار الله على صواريخ فرط صوتية يعود إلى سببين: الأول نفسي وذاتي، لا يمكن لواشنطن تقبل فكرة حصول أنصار الله على صواريخ فرط صوتية قبل الولايات المتحدة، التي لديها باع كبير في الصناعة الحربية. إذ أن أول دولة امتلكت الصواريخ فرط صوتية هي روسيا ابتداء من سنة 2017 خاصة مع صاروخ

 

زيركون، ثم الصين وجاء الإعلان الإيراني خلال مارس 2023 وكوريا الشمالية. بينما الولايات المتحدة أعلنت عن أول صاروخ فرط صوتي حقيقي في أبريل/نيسان 2024، ويتعلق الأمر بصاروخ ماكو MAKOمن إنتاج لوكهيد مارتن لتزويد مقاتلات أف 35 وأف 22، وربما الغواصات والسفن مستقبلا. لم تشكك واشنطن لوحدها في امتلاك اليمنيين

هذا السلاح، بل حتى خبراء روسيا، في هذا الصدد، قال أندريه كلينتسفيتش الخبير العسكري، ورئيس مركز دراسة النزاعات العسكرية والسياسية في موسكو خلال مارس الماضي «مثل هذه الصواريخ تُستخدم في روسيا ضد أوكرانيا، كما أنها عُرضت خلال التدريبات والاستعراضات في الصين وكوريا الشمالية». وتابع «أشكك في امتلاك جماعة

 

أنصار الله الكفاءات اللازمة في مجال علوم المواد والمعادن الحرارية لإنتاج مثل هذه الصواريخ بشكل مستقل، وأضاف أن «الولايات المتحدة، بمجمّعها الصناعي الدفاعي بأكمله، لا يمكنها إكمال إنشاء أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، ووضعها في الخدمة بهذه السرعة». وتبددت جميع الشكوك يوم 15 سبتمبر الجاري، بضرب حركة أنصار الله

للكيان الاسرائيلي، لا يهم حجم الخسائر، لكن ما يمكن أن يشكله مستقبلا. قد يكون الصاروخ من إنتاج يمني، أو يتعلق الأمر بتفويت إيران صواريخ فرط صوتية جاهزة لليمنيين أو جرى تجميع أجزاء الصاروخ في اليمن اعتمادا على التكنولوجيا الإيرانية. يبقى المعطى الرئيسي هو امتلاك اليمنيين لصواريخ فرط صوتية، وهو ما لا يتوفر لدول من حجم

فرنسا وبريطانيا.

 

ويتجلى السبب الثاني في التغيير الذي تحمله تقنية صواريخ فرط صوتية، لأنها صواريخ لا يمكن لأي نظام مضاد للصواريخ حتى الآن اعتراضها، نظرا لسرعتها الفائقة ثم المناورة. ولم تنجح المدمرات الأمريكية في البحر الأحمر وشرق المتوسط التي تتوفر على نظام أيجيس الدفاعي «الدرع الصاروخي» ولا «أنظمة العدو الاسرائيلي الدفاعية في

اعتراض الصاروخ اليمني الذي قطع مسافة 2040 كلم في 11 دقيقة ونصف الدقيقة. وعليه، إذا امتلك اليمنييون بعضا من هذه الصواريخ، فهم قادرون على زرع الرعب في الكيان الاسرائيلي وإغلاق باب المندب أمام الملاحة الدولية بصورة مطلقة، علاوة على ما يشكل من خطر على السفن الأمريكية لو قرر أنصار الله استهدافها. وترى واشنطن أبعد

 من كل هذا، إذ تتخوف من انتشار الصواريخ فرط صوتية وامتلاك عدد من الدول لها مثل ما يحدث حاليا مع المسيرات التي تقوم كل من إيران وتركيا بتصنيعها، ودورها في الحرب الروسية – الأوكرانية. استعمال اليمنيين لهذا الصاروخ، سيجعل العدو الاسرائيلي يفكر جيدا في جدوى حرب مع إيران أو شن الولايات المتحدة الحرب على هذا البلد. في

ظرف سنوات قليلة، شكل أنصار الله مصدر قلق حقيقي للبنتاغون، خلال نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قصف اليمنيون بصاروخ باليستي مطار الرياض خلال حرب عاصفة الحزم، وتبين لاحقا، وفق تقرير لـ»نيويورك تايمز» يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2017 وقّعه ثلاثة خبراء، أن نظام باتريوت فشل في اعتراض الصاروخ اليمني، ودقوا

 ناقوس الخطر بأن أنظمة باتريوت لم تعد في المستوى، وهذا خطير على الأمن القومي الأمريكي الذي يعتمد هذا النظام في دفاعه ضمن أخرى مثل الثاد. سبع سنوات بعد ذلك، وبالضبط يوم 15 سبتمبر 2024، يضاعف أنصار الله من قلق البنتاغون لأن جميع أنظمتهم المتطورة لم ترصد الصاروخ الذي ضرب الكيان الاسرائيلي.

 

إنها حكاية الصاروخ اليمني الذي سارع البيت الأبيض إلى تكذيب حصول اليمنيين عليه في مارس الماضي دفاعا عن كبرياء الصناعة الحربية الأمريكية، أصبح واقعا اليوم بعد 15 سبتمبر الجاري. وسيحتفظ تاريخ صناعة السلاح وتاريخ الحروب بأن جماعة اسمها أنصار الله امتلكت صاروخا فرط صوتي قبل واشنطن، وأن اليمن هو ثاني دولة في

تاريخ الحروب استعمل صاروخا فرط صوتي بعد روسيا. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 9