في وقت تقترب فيه الحرب في قطاع غزة من دخول عامها الثاني، ووسط اعتراف من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي بنقص في عدد قواته وعتاده، كشفت صحيفة بيلد الألمانية عن تعليق الحكومة الألمانية الموافقة على طلب كيان العدو الاسرائيلي لشراء آلاف القذائف
وأسلحة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمها، أن برلين تفرض “حظرا هادئا” على بيع الأسلحة لتل أبيب، في ظل تزايد الانتقادات الدولية لاستمرار الحرب على غزة.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن عملية بيع السلاح من قبل ألمانيا لكيان الاحتلال تأخرت منذ بداية الحرب، ولم تتم الموافقة إلا على عدد قليل من الطلبات.
وتنضم ألمانيا بهذا الموقف، الذي لم يعلن رسميا من قبل الحكومة، إلى عدد من الدول الأوروبية التي فرضت قيودا على تصدير الأسلحة إلى الكيان الاسرائيلي على خلفية مخاوف بشأن حماية المدنيين في غزة.
ويرى محللون أن هذه الخطوة ربما تمثل ضربة قوية للكيان، إذا ما وضع في الاعتبار أن ألمانيا تأتي في المرتبة الثانية خلف الولايات المتحدة كأكبر مصدري الأسلحة لكيان الاحتلال.
فبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، صدرت ألمانيا في الفترة ما بين عامي 2019 و2023 نحو 30% من إجمالي الأسلحة التقليدية الرئيسية التي استوردها كيان العدو، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بنسبة 69%.
وتحدثت هيئة البث العبريّة عن انقسام بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بشأن قرار توسيع العمليات شمالا والذي ربطه نتنياهو بقدرات الجيش.
ونقلت الهيئة عن نتنياهو قوله لأعضاء الكابينت إن “معركة واسعة في الشمال لن تؤثر على الضغط العسكري في غزة ولا على احتمالات إبرام صفقة”.
وركزت هيئة البث العبريّة على انعكاس هذه القضية على الخلاف القائم بالأساس بين نتنياهو الذي يدفع لإطلاق عملية عسكرية واسعة ضد ح ز ب الله، وبين وزير الدفاع يوآف جالانت الذي يدعو إلى التريث وإعطاء فرصة إضافية للوساطة قبل شن هجوم “قد يتحول إلى حرب شاملة”.
ونقلت هيئة البث عن مقربين من نتنياهو قوله: “إذا حاول جالانت أن يحبط عملية عسكرية في الشمال سيقال من منصبه”.
وفيما اعتبر دليلا آخر على النقص الذي يعانيه جيش الاحتلال الاسرائيلي في صفوف جنوده، كشفت صحيفة هآرتس، عن أن الحكومة الإسرائيلية عملت على تجنيد طالبي لجوء أفارقة في صفوف جيش الاحتلال خلال عملياته في غزة، مع وعدهم بالحصول على حق الإقامة في الكيان الاسرائيلي والحصول على “تسوية قانونية دائمة” لأوضاعهم.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين استخدموا ورقة “الإقامة” لتحفيز طالبي اللجوء، الذين يجدون صعوبة في تسوية أوضاعهم، مشيرة إلى أنه “يوجد حاليا حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي يعيشون في الكيان الاسرائيلي، معظمهم من الشباب، ونحو 3500 منهم سودانيون كانوا حصلوا على وضع مؤقت بحكم قضائي لأن الدولة لم تعالج طلباتهم
ولم تبت فيها بعد”.
من جهتها، وصفت حركة ح م ا س ما كشفه الإعلام العبري عن عمليات تجنيد الأفارقة بأنه “تأكيد على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها هذا الكيان المارق، وانتهاكه لأبسط قواعد حقوق الإنسان، باستغلال حاجة المهاجرين وطالبي اللجوء للزج بهم في المعارك، ومحاولة تعويض للنزف الكبير في عديد جيشه بفعل تصدي مقاومي شعبنا البواسل في
قطاع غزة”.
ودعت الحركة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية إلى إدانة “هذه الجريمة التي تعبر عن سلوك عصابات عنصرية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمحاسبة قادة الاحتلال المجرمين على انتهاكاتهم الجسيمة لقوانين الحروب وللقانون الدولي والإنساني”.
وترافقت هذه التطورات مع عملية نوعية لجماعة أنصار الله في اليمن بإطلاقهم صاروخا باليستيا على وسط كيان العدو .
وقال المتحدث العسكري الرسمي باسم حركة أنصار الله حيي سريع، في بيان متلفز، نشره على حسابه بمنصة “إكس” إن “العملية نفذت بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي نجح في الوصول إلى هدفه وأخفقت دفاعات العدو في اعتراضه والتصدي له” ، مشيرا إلى أن الصاروخ الفرط صوتي قطع مسافة تقدر بـ 2040 كم في غضون 11 دقيقة ونصف
الدقيقة.
ورغم تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي لحركة أنصار الله بدفع “ثمن باهظ”، ووصف قائد سلاح الجو في جيش الاحتلال تومر بار ما حدث بأنه “تذكير آخر لنا بأننا أمام تحد فرض علينا على جبهات متعددة… سنرد بيدنا الطولى والقوية ضد كل ساع للنيل منا”، هناك قطاع من الإسرائيليين سئم فيما يبدو، لاسيما في الشمال.
وعبر يوسي كاكون رئيس بلدية صفد بشمال الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عن غضبه، بعدما تحولت صفد إلى مركز استهداف لصواريخ ح ز ب الله، وقال: “على الحكومة حسم قرارها بشأن الشمال، فنحن محاطون بمواقع استراتيجية والمدينة في مركز الاستهداف”.
وأضاف: “عدد كبير من المنازل في المدينة غير محصن ولا يحتوي على ملاجئ… عشرات المدارس لدينا ليست بها مناطق محمية وأتفهم دوافع العائلات التي ترفض إرسال أبنائها للدراسة بعد أسبوع مشتعل كهذا”.
وتابع رئيس بلدية صفد: “أرى الإحباط واليأس في عيون المواطنين، وأتوقع من الدولة أن تعيد لنا الأمن، فإذا كانت الحاجة أن يهاجموا لبنان فليفعلوا ذلك، وإذا كانت الحاجة أن يبرموا اتفاقا ما فليفعلوا ذلك… صاروخ تل أبيب أيقظ الجميع، أما نحن فلا أحد يكثرث بنا. اقتصاد المدينة تضرر بشكل كبير”.
وتتزامن هذه التطورات مع تعالي الأصوات المنادية بإبرام صفقة تنهي الحرب في غزة وتضمن إعادة المحتجزين لدى حركة ح م ا س، مع استمرار المظاهرات شبه اليومية في تل أبيب ومستوطنات إسرائيلية أخرى، واتهامات لنتنياهو بالإخفاق في توفير الأمن للإسرائيليين، وسط ترقب للخيار الذي سيلجأ إليه رئيس حكومة العدو في قادم الأيام.