إنّ جُلّ ما جاء به المندوب الرئاسي الاميركي إلى بيروت هو ضمان انقلاب الرسميين اللبنانيين، والجيش والطوائف اللبنانية وقادتها على الم قاو مة ودفع الجميع للضغط على ح ز ب الله لوقف عملياته تحت عنوان ضمان سلامة لبنان من ضربة اسرائيلية وشيكة.
وتعليقا على الزيارة قال مصدر في بيروت اليوم أن المندوب الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين جاء كعادته حاملا هموم الكيان الاسرائيلي ومخاوفه، ولم يأتِ باحثا عن مصلحة للبنان أو لرغبة الاميركيين أنفسهم وقف العدوان الاسرائيلي على المدنيين في غزة ولبنان.
فقد حمل عاموس التهديدات والتهويل الاسرائيلي المتكرر، مشفوعا باغراءات وتنازلات وصفتها جهات معنية " بالتافهة وغير الجدية" حيث لا تزال اميركا تتعامل بالاوهام لا بالوقائع، وتأخذها العزة بالاثم والتكبر والغرور لا الحقائق، ومن يديرون السياسات في واشنطن لا يقنعهم من يقول ان في لبنان من لا يخشى تهديدات العدو الاسرائيلي ولا يؤمن
بوقفٍ لاطلاق النار بوجه جيش الاحتلال ويصرّ على الصمود والمواجهة دعمًا للشعب الفلسطيني في غزة.
وصل هوكشتاين الى بيروت في زيارة سريعة صباح أمس قادما من القدس المحتلة التي زارها الإثنين، وبغض النظر عما قاله لنتنياهو كي لا يجر المنطقة وأميركا معها الى الحرب الكبرى ، فقد جاء وصوله الى بيروت بهدف رئيسي هو البحث عمن هو مستعد لقيادة حرب سياسية واعلامية ضد ح ز ب الله من المسؤولين اللبنانيين، رسميين وعسكريين،
ورموز وفعاليّات طائفيّة.
وقد هدف من كلامه بعد جولته في بيروت، في محاولات منه لإيهام من التقاهم بضرورة التنبّه من خطر الموت القادم عبر هجوم "إسرائيلي " على لبنان بحرب مدمّرة، معتمدًا بذلك على التهويل النفسي والإعلامي بهدف تأمين ودعم بيئة مناهضة للم قا ومة تدعو إلى تراجع ح ز ب الله عن المواجهة مع العدو بحجة تجنيب لبنان الحرب والدمار القادمَين.
وقد نقل عاموس عن الاسرائيليين تهديدات بتدمير لبنان وباستهداف المؤسسات الرسمية جميعها، كون الدولة برأي الصهاينة لا تقوم بما يكفي لوضع حد لهجمات ح ز ب الله، أي ان الاميركي بدل ان يتدخل مع الاسرائيلي لوقف اعتداءته على المدنيين في لبنان يريد أن يدخل اللبنانيين في مواجهة مع ح ز ب الله وأن يقفوا موقف المتفرّج حيال الاعتداءات
الاسرائيلية المتكررة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي..
وقاحة اميركية اسرائيلية تتذرع بما يجري في شمال فلسطين المحتلة ولا تأبه لواقع معلن وهو أن كل القوى التي تساند المدنيين في غزة اعلنت سلفا ان وقف اطلاق النار في غزة يعني وقفه على كل الجبهات.
عاموس هوكشتين نقل عن الادارة الاميركية إنها لا يمكنها ضمان ان لا يوسع نتنياهو الحرب باتجاه لبنان لانه محرج بسبب الخسائر التي يتعرض لها المدنيين الاسرائيليين بوجود عشرات الالاف منهم في الفنادق بعيدا عن منازلهم في الشمال. وان مصلحة لبنان هي في وقف اطلاق نار فوري من طرف ح ز ب الله على ان يحصل لبنان على تنازلات
اسرائيلية على الحدود.
فما هي تلك التنازلات؟؟
نقل المصدر عمن التقوا هوكشتاين موافقة الحكومة الاسرائيلية على ترسيم بري لا يشمل في المرحلة الاولى مزارع شبعا ولكن يشمل الغجر. وهو تراجع اميركي عن تنازل اسرائيلي سابق يشمل انسحابا من كل الاراضي اللبنانية المحتلة.
ووعد عاموس ايضا بتنازل اسرائيلي سبق وأن تبلغه منذ أيام قليلة قائد الجيش اللبناني اثناء زيارته الى واشنطن، حيث تعهد الاسرائيليون بوقف الاستطلاع الجوي في الأجواء اللبنانية مقابل التزام ح ز ب الله بالانسحاب من مناطق عازلة في جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني بفعالية فيها واعطاء الصلاحيات للقوات الدولية في مصادرة الأسلحة واعتقال
المسلحين في تلك المنطقة العازلة.
وتعهد الاميركي نقلا عن الاسرائيلي بأن يلتزم الاحتلال بما ينص عليه القرار الدولي 1701 على ان ينسحب ح ز ب الله تماما باسلحته الثقيلة وبقواته النظامية المقاتلة من كافة منشآته العسكرية والمدنية والزراعية بمسافة المنطقة العازلة التي تبلغ 8 الى 10 كلم من خط الحدود.
ويسوّق هوكشتاين من خلال طروحاته لحقيقة لا يسميها وهي أنه يريد من الجيش اللبناني ان يقاتل ح ز ب الله في المستقبل، كون ح ز ب الله ليس دخيلا على القرى وكل قادته وعناصره وكوادره هم من نسيج الشعب اللبناني وأبناء القرى والبلدات، يقيمون بشكل طبيعي في كل المناطق الجنوبية ومنها بالتأكيد الحدودية فهل من المعقول ان ينزح اللبناني
عن أرضه كي يعود المستوطن الى مناطق يحتلها على حدود أرضنا؟؟
ويتابع مصدر فيقول أن هوكشتاين حمل مقترحا بوقف الاغتيالات لقيادات الصف الأول في ح ز ب الله في حال التزم الحزب بوقف عملياته فورا وهو مقترح يؤكد ان الاميركيين يحتلون ارادة حكام العالم بالقوة التي تمثلها الاطماع لكن سياسييهم مثل هوكشتاين تماما أكثر حمقا من ان لا يعميهم الغرور، مقدما بتفاهة عروضا تافهة مثال أن يحصل الجيش
اللبناني على ألبسة وسيارات ومساعدات مالية أميركية سبق ووضع لها الكونغرس سقفا لا يزيد عما يحتاجه الاميركي ليضمن بقاء نفوذه في لبنان لا اكثر ولا اقل.
وكذا ستضمن واشنطن حصول الدولة اللبنانية والجيش من حلفاء اميركا على مساعدات مالية ولوجستية لا تشمل اي اسلحة تستطيع حماية الشعب اللبناني ومواجهة الاعتداءات والأخطار الخارجية بل تكفي فقط لعمليات الامن الداخلي.
تلك الاغراءات سبق وقدمها هوكشتاين للبنانيين، بل قدم أكثر منها في زيارات سابقة وتهدف جميعها الى احداث ضغط داخلي لبناني من طرف الرسميين ومن طرف الطوائف اللبنانية المختلفة وكذا من طرف الجيش على ح ز ب الله كي لا يستمر في عملياته في مواجهة الاحتلال في جنوب لبنان.
لماذا يكرر الاميركيون والدوليون زيارات يعرفون أنها لا تجدي نفعا؟؟
هوكشتين جاء في الاساس ليقول لنتنياهو أن لا ضوء أخضر اميركي لحرب مصغرة على لبنان وان المقترح الاسرائيلي بعمليات جوية مكثفة تؤدي لهجرة مئات الاف اللبنانيين من جنوب لبنان هو متقرح غير عملي لأنّ ح ز ب الله لن يقبل بتلك الايام القتالية المحدودة وسوف يرد بشكل موسع على أهداف اسرائيلية.
نتنياهو ووزير دفاعه نقلا الى واشنطن مؤخرا مقترحا مفصلا حول أيام قتالية تقوم فيها "إسرائيل" بتدمير قرى ومدن لبنانية في الجنوب ردا على قصف الحزب بغية تحريض الشعب اللبناني كله ضد ح ز ب الله معتبرين أنّ لا إيران ولا ح ز ب الله بوارد خوض حرب شاملة مع الكيان الاسرائيلي خوفا من الرد الاميركي على ايران.
وأما زيارته الى لبنان فهي تقديم ورقة للعدو وقادته مفادها أنّ الاميركي قادر على ضبط ح ز ب الله من خلال الضغط على المسؤولين الرسميين في بيروت الذين وإن ساندو الحزب علنا الا انهم يستطيعون الضغط على الم قا ومة بأن لا تستفزّ "اسرائيل" بالشكل الذي يؤدي الى قيامها بتدمير الجنوب اي ان لا يتعدى رد ح ز ب الله المساند لغزة عن
المسافة المتفق عليها سابقا مع هوكشتاين وهي 5 الى 8 كلم داخل فلسطين وعلى مواقع عسكرية فقط لا مدنية ولا صناعية.
كيف ردّ اللبنانيّون على كل ذلك؟؟
لم يكتفِ ح ز ب الله بالثقة التي يوليها للوسطاء اللبنانيين الذين يلتقون هوكشتاين، بل قام برد عملي مسبق على ما حمله المندوب الاميركي، حيث قال بالصوت والصورة ما يريد قوله. وجاء رد ح ز ب الله حاسما ومسبقا من خلال نشره فيديو مطول لجولة استطلاعية للطائرات المسيرة التابعة للمق او مة اللبنانية، عرض فيها بنك اهداف في شمال فلسطين
المحتلة على بعد ثلاثين كيلومترا من الحدود وصولا لشمال حيفا المحتلة. حيث جرى عرض صورة دقيقة لميناء حيفا والمنشآت الكيميائية فيه ولمصانع عسكرية ومطارات ولمقرات الشركات التقنية التي تنتج وتجرب الصواريخ الاسرائيلية المتطورة وكذا عرض ضواحي حيفا المحتلة المسماة "الكريوت" التي يسكنها 260 الف مدني وتضم اربع مناطق
كبرى من ضواحي حيفا كثيفة السكان.
وأظهر الفيديو المنشور طائرات تصور حيفا من الجو وقريبة جدا من الارض على علو مئات الامتار فقط وقد التقطت صورًا للقبة الحديدية في وقت عجز الاحتلال عن استهدافها ما يعني أن الطائرات " ستيلث" تملك خاصيات طائرات الشبح الاميركية الشهيرة رغم ان الطائرات اللبنانية بدت بطيئة.