لحظات من الرعب عاشها طلّاب باص المدرسة الذي تضرّر بالغارة الإسرائيلية في محيط بلدة كفر دجّال ـ النبطية ناجيًا من مجزرة محتّمة، وأعاد المشهد المؤلم إلى ذاكرة اللبنانيين عامة والجنوبيين بشكل خاص مشهد "مجزرة الباص" عندما قام العدو الاسرائيلي في يوم عيد الأم (21 آذار/مارس) من العام 1994م، بقصف مدينة النبطيّة مستهدفًا
المدارس والشوارع، حيث أصابت القذائف باصاً مدرسياً يقلّ تلامذة أطفالًا كانوا يحملون هدايا لأمهاتهم في عيد الأم، فأوقع أربعة شهداء وأكثر من عشرة جرحى (معظمهم أطفال).
بعد مضي ثلاثين عامًا على المجزرة شاءت العناية الإلهية في هذه المرّة أن ينجوَ طلاب الباص الذي كان يقلّهم إلى مدرستهم "مدرسة شوكين الرسمية"، حيث صودف مرورهم مع استهداف العدو لسيارة الشهيد الاستاذ محمد علي فران الذي كان بدوره متوجها إلى عمله في ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في مدينة النبطية، وقد نعاه مدير ثانويّة "حسن
كامل الصباح" الرسميّة، في النبطية، الأستاذ عباس شميساني: " أستاذ مادة الفيزياء في الثانوية محمد ناصر فران، الذي قضى على طريق واجبه التعليمي والوطني، أستاذاً، ومربيّاً، وشهيداً، وزميلاً نشيطاً ومليئاً بالأخلاق والعطاء والتهذيب والاندفاع".
تزامنًا مع ذلك كانت مديرة مدرسة شوكين الرسمية الأستاذة نسرين شعيب تتنقل بين المستشفيات للاطمئنان على تلاميذها الجرحى، فمنهم من نقل إلى المستشفيات للمعالجة ومنهم من أصيب بالذعر والهلع والخوف كما وصف سائق الباص "محمد سبيتي" المشهد.
وللوقوف عند الاعتداء السافر للعدو الاسرائيلي أكدت الأستاذة نسرين شعيب مديرة مدرسة شوكين الرسمية التي "كانت تقوم بواجبها في خدمة تلاميذها والوقوف إلى جانب ذويهم" بحسب تعبيرها، فالتلاميذ الذين كانوا يستقلون الباص المدرسي يفوق عددهم العشرين قد أصيبوا بالذعر والجراح المتفاوتة"، أمّا من نقل منهم إلى المستشفيات فهم التلاميذ
المصابين:
علي الرضا موسى عياش
قاسم محمد جفال
محمد علي ناصر
وقد وصفت حالتهم بالمستقرة وغادر أحدهم المستشفى بينما يرقد كل من رفيقيه في مستشفى الشيخ راغب حرب والمستشفى الحكومي في النبطية ريثما يتماثلون للشفاء يُطمأَنّ إلى وضعهم الصحي.
أثنت الأستاذة نسرين شعيب في حديثها لوكالتنا على العمل الدؤوب لفرق الاسعاف في كشافة الرسالة الاسلامية والهيئة الصحية التي تولت إسعاف ونقل المصابين، متمنية الشفاء العاجل لتلاميذها الذين عبّروا رغم جراحهم وآلامهم عن صمودهم في وجه العدو الاسرائيلي المتغطرس، بحيث لن تثنيهم الاعتداءات عن الاستمرار في حياتهم اليومية المعتادة
والإصرار على التشبث بالأرض والدفاع عنها ومتابعة مسيرتهم التعلميّة والعودة إلى مقاعدهم وقد عبّر عن ذلك التلميذ الجريح محمد علي ناصر بقوله" نحن لا نخشى العدو الاسرائيلي".
كما وجّهت شعيب رسالة تعزية للأسرة التعليمية في ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية آملة أن يكون النصر حليف الجنوبيين الصامدين في قراهم وأرضهم رغم الاعتداءات والدمار، وأن يكون مشهد اليوم الذي نزَف فيه دم المعلم والتلميذ على طريق العلم والتضحية والصمود، مشهدًا جامعًا يتوحد خلفه اللبنانيون بوجه عدوّهم وعدو الإنسانية جمعاء، لعل
هذه الدماء تكون بذلك ثمنًا للتحرير والوحدة.