لماذا يخاف بعض من داعمي اسرائيل الصهاينة من جرائمها؟؟

كتب خليل ابو رمان – واشنطن

2024.05.14 - 09:23
Facebook Share
طباعة

ليس توماس فريدمان، الكاتب الأميركي الصهيوني البارز، وحده من يخشى على يهود العالم من تبعات جرائم اسرائيل المتمادية بحق الشعب الفلسطيني وبحق شعوب العالم بما فيها الشعب الاميركي. بل إن كثيرين من نخب يهود العالم من ذوي الحس الانساني والبعيدين عن فكر الصهينة العنصري الاستبدادي يخشون من أن ما تفعله المنظومة الصهيونية الدولية في فلسطين منذ العام 1918 اصبح سببا لكراهية العالم للمجرمين الذين يتحدثون عنوة وبالتسلط المالي باسم كل يهود العالم وهو أمر غير صحيح.


الصحيح ان الصهاينة خدعوا ويخدعون اغلبية يهودية على مستوى العالم لكن التيارات اليهودية الدينية والعلمانية الرافضة للصهيونية لم تمت ابدا. ناتوري كارتا واحدة من تلك التيارات، وغيرها كثير من نخب يهودية نشطة سابقا وفي الوقت الحالي ترفض جرائم اسرائيل وترفض العنصرية الصهيونية. ومع ذلك فهؤلاء يشتركون حتى مع الصهاينة اليهود في الخوف من تبعات حرب الابادة التي تشنها اسرائيل حاليا على الفلسطينيين.


من الذي يتفاخر كما نيتناهو بالنفوذ الصهيوني العالمي المتحكم بجزء من اقتصاد البشر في اوروبا واميركا وفي جزء كبير من المنظومة المالية في كثير من مواقع النفوذ الاساسي المرتبطة ب التركيبة الحاكمة في روسيا، لا يعرف ما يحصل او لا يريد ان يعرف ما الذي يحصل حول الدنيا.


ما كان يحمي اسرائيل ليس قوة داعميها المالية ونفوذهم في النظام الاقتصادي والمالي الدولي فقط
بل صورة الضحية هي ما حمت اسرائيل وهي ما ان لجرائمها تغطية تحول الجلاد ضحية والضحية جلادا.


كانت كل شعوب اميركا واوروبا تعتقد بأن اسرائيل دولة ديمقراطية فتبين أنها دولة قمعية يدعو وزراء من حكومتها يمثلون اغلبية مجلس النواب في كيانها لضرب شعب اعزل في غزة بالقنابل النووية.


وهو امر يفوق البشاعة اليومية التي نراها من طرف دولة الاحتلال بحق الشعوب الغربية من حيث شن الاجهزة الامنية الاسرائيلية الرسمية حروب ابادة على الطلاب الجامعيين في اميركا واوروبا واستراليا وكندا بالتشويه والتهديد وبالاضطهاد وبالعدوان الجسدي عبر عصابات من المرتزقة وكذا عبر ابتزاز الطلاب المعارضين للحروب الاسرائيلية في الدول الغربية من خلال شن حملة تشويه وقتل للسمعة من طرف اجهزة رسمية اسرائيلية ضدهم.


عشرات من اصحاب المليارات الصهاينة هددوا علنا طلاب جامعات النخبة الاميركية بالويل والثبور وحثوا الشركات على منع توظيفهم ومحامون من مشاهير اميركا هددوا الطلاب بانهم سيتعرضون لحربا قانونية اول اسلحتها التشويه وتشويه السمعة وربط حراك سلمي رافض للحرب ضد المدنيين ورافض لقتل 30 الف مدني ليصبح حراكا داعما لحركة متهمة بالارهاب.


ويشترك في هذا العمل البشع ايضا ايضا داعمي اسرائيل من صهاينة المسيحيين في اميركا واوروبا من امثال الداعي الى الابادة الجماعية ليندسي غرام (عضو الكونغرس). الذي قال أمس ان على اسرائيل ضرب غزة بقنبلة نووية، وهو كما هو معروف، ذو حظوة ونفوذاً بارزين على الملوك والرؤساء العرب الموالين لأميركا وكان من كبار الصهاينة المسيحيين الذين عملوا على خط الوساطة بين نتنياهو وملوك عرب ورؤساء عرب منذ بداية حرب الابادة الاسرائيلية على الفلسطينيين في الثامن من تشرين اول اكتوبر الماضي.


الصورة البهية لاسرائيل الديمقراطية انتهت او تكاد في عيون الشعوب الغربية الداعم الاكبر لاسرائيل التي صادرت آلام اليهود وحولتها الى رافعة لعقيدة عنصرية لم يتبناها قبل العام 1945 معظم يهود اميركا بل كانوا عند اعلان الكيان في اغلبهم من اتباع ناتوري كارتا التي تعتبر دولة اسرائيل كيانا معاديا للعقيدة اليهودية لانهم يؤمنون ان الله لا يريد لهم دولة بل ان يتعايشوا مع كل الشعوب في اطار الخصوصية الدينية لهم.

 

توماس فريدمان الصهيوني الذي كتب مناديا بوقف الحرب على غزة مهما كان الثمن قبل أن تشكل تلك الحرب خطرا على يهود العالم وليس على اسرائيل لا يستشعر وحده مثل ذلك الخطر، فعضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز العلماني غير الصهيوني قال كلاما مشابها وهو ايضا يستشعر أن استمرار حرب غزة “قد يُعرّض اليهودية العالمية للخطر”.


لم يتوقف المحللون طويلاً في الشهر الثاني من الحرب على غزة عند تصريح مماثل لشخصيات يهودية اميركية قالت بأن على بايدن اجبار نتنياهو على وقف الحرب. وها قد صدق اولئك بعد أن انفجر طلاب الجامعات الأميركية وباقي الجامعات في العالم في وجه إسرائيل في الأشهر التالية وظهر النفوذ الصهيوني العالمي بابشع صور الاضطهاد الاجنبي لطلاب اميركيين واوروبيين فكل المنظمات والشخصيات والمواقع التي تشهر بالطلاب وحراكهم السلمي وتدفع السلطة الاميركية والسلطات الاوروبية لاضطهادهم وضربهم وسجنهم وطردهم من جامعاتهم هي مواقع وشخصيات وشركات ومنظمات ومحامون اسرائيليون يحملون جنسيات اميركية او اوروبية او هم يتحركون وفق خطة رسمية وضعتها الاجهزة الامنية الاسرائيلية لمحاربة نفوذ المعارضين لاسرائيل في أميركا واوروبا.


يقول بيرني ساندرز أن أخطر ما تسببت به حرب الابادة هو بدء إدراك القوى التقدمية في العالم للروابط العضوية بين الحركة الصهيونية ومن يدعمها من القوى المالية اليهودية العالمية، وبين النظام الرأسمالي النيوليبرالي الدولي الذي كان يشهد منذ التسعينيات الماضية انتفاضات مليونية متتالية ضدها من “المجتمع المدني العالمي”، الذي أطلقت عليه الصحف الأميركية آنذاك نعت “القوة العظمى الجديدة”، وأسماه زبغنيو بريجنسكي “ثورة الشارع السياسي العالمي”.


وعلى عكس ساندرز اليساري المعتدل في رفضه لسياسات اسرائيل لا لوجودها فإن فريدمان الموالي لاسرائيل بشدة بدأ يشعر بالقلق من أن استمرار حرب غزة قد يُعرّض الأنظمة العربية “المتحالفة” مع واشنطن إلى الخطر، خاصة مصر والأردن، ويُهدّد مصير إسرائيل والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط
لقد اصبحت مصالح الرأسماليين الصهاينة في العالم مهددة لان دورهم بدأ يظهر علانية في قمع الشعوب التي كانوا يعولون عليها في حماية اسرائيل.


وهذا بالتحديد ما يخشى منه توماس فريدمان؛ أي استهداف راسماليي الصهيونية في العالم، وليس فقط من طرف اعداء اسرائيل بل من طرف يهود من المعادين لما تمثله الصهيونية، و من جانب اليسار التقدمي والليبرالي في كل دول العالم بحيث اصبحت صورة اسرائيل ككيان عنصري بعيد كل البعد عن الحضارة وقيمها وعن الصورة الديمقراطية التي اشيعت عنها امرا واقعا.


ولم يعد يكفي ان بضع شركات مالية عابرة للقارات يملكها صهاينة تملك نصف التدفقات والثروة المالية للكوكب هي من يدعم اسرائيل ويحميها فذاك المال واولئك المتمولين صاروا في عين العاصفة المعارضة للكيان ولداعميه وفضحت اسرائيل نفسها وداعميها وتعرض وجودها ووجود داعميها للخطر باصرار رئيس حكومتها على شن حرب ابادة لا يسترها ساتر عن اعين كل احرار العالم. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4