رسم انقسام مواقف الأحزاب السياسية من التطبيع صورة ضبابية عن شكل العلاقة المتوقعة مع إسرائيل، في ظل تباين في الرفض الشعبي بين موافق ورافض.
وقع 28 حزبا وتكتلا ومنظمة على ميثاق "القوى الشعبية لمقاومة التطبيع" مع الكيان الصهيوني.
وخرج آلاف المتظاهرين في شوارع الخرطوم وأحرقوا علم العدو الإسرائيلي.
الحكومة الانتقالية:
أجاز مجلس الوزراء السوداني (عبد الله حمدوك) مشروعاً يلغي قانون مقاطعة إسرائيل العائد إلى عام 1958م والذي أقرته الدول العربية وقتها، في خطوة متوقعة بعد تطور العلاقات السودانية الإسرائيلية.
في 19 أكتوبر 2020، غرد الرئيس دونالد ترامب على تويتر قائلا "أخبار عظيمة! وافقت الحكومة السودانية الجديدة، التي تحرز تقدما كبيرا، على دفع 335 مليون دولار لضحايا الإرهاب والعائلات الأميركية، بمجرد إيداعها، سأرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. أخيرا، العدالة للشعب الأمريكي وخطوة كبيرة للسودان" وفي 22 أكتوبر/ تشرين الأول، كما صرح وزير الإعلام السوداني إن الأموال قد أودعت.
فتاوى دينية:
أصدر مجمع الفقه الإسلامي، بالإجماع فتوى بعدم جواز التطبيع مع إسرائيل في كل المجالات باعتباره مساندة للظلم ومعاونة على الإثم والعدوان، أشار إلى أن إسرائيل دولة محتلة ومعتدية على حقوق الشعب الفلسطيني ومغتصبة لأرض ليست لها وهو أمر تتفق الشرائع السماوية والاتفاقيات الدولية على اعتباره ظلماً وعدواناً، وشدد على حماية وتحرير المقدسات الإسلامية ومنها المسجد الأقصى أولى القبيلتين.
واعتبر المصلحة المقصودة من تطبيع السودان متوهمة والمفسدة الدينية والدنيوية راجحة وحذر من خطورة التطبيع على تماسك المجتمع الداخلي وتغذية التطرف وخلق أرضية له.
كذلك من ضمن الرافضين للتطبيع هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد "هيئة دعوية في السودان، وتمثل الكيان الديني لحزب" الأمة القومي "وقالت: قصد منه تدمير السودان دينيا، والتطبيع يمثل كياناً مغتصباً وعنصرياً وغربياً، أما حزب الأمة القومي اكتفى بإعادة توزيع رؤية زعيمه الراحل" الصادق المهدي "الرافضة للتطبيع.
القوى الشعبية الرافضة:
برزت القوى الشعبية لمقاومة التطبيع" قاوم "كأهمّ جهة مناهضة للتطبيع في السودان، بعد أن أعلنت عن كيانها الذي يضم عشرات الأحزاب والمنظمات في نوفمبر الماضي.
دشنت الأمانة العامة للقوى الشعبية لمقاومة التطبيع في السودان" قاوم "حملة تحشيد لمشايخ الطرق الصوفية والدعاة وزعماء القبائل لرفع مذكرة عليها توقيعات رافضة للتطبيع بين السودان والاحتلال الإسرائيلي.
وشاركت فيها الطريقة القادرية، والطريقة الكباشية، وأيضاً الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، ورابطة إعلاميين ضد التطبيع، حزب المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن وحزب منبر السلام العادل وحزب المسار الوطني وتجمع الشباب المستقلين وهيئة علماء السودان.
وهناك أحزاب ضمن تحالف الحرية والتغيير ترفض التطبيع مثل حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي والقوى العروبية التي تضم أحزاب البعث والناصريين.
وتأتي أسباب الرفض نسبة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى أن إسرائيل لها أطماع اقتصادية في السيطرة على الموقع الاستراتيجي للسودان، وساحل البحر الأحمر.
تيارات ترحب بالتطبيع:
وافق حزب الوسط الإسلامي على قرار التطبيع، وهاجم الداعية د." يوسف الكودة "هيئة علماء السودان، ومجمع الفقه الإسلامي معتبرا أن الشعب السوداني لا يلتفت كثيرا لفتاوى هاتين المؤسستين.
كذلك أعلنت الجبهة الثورية بشقيها (الجبهة الثورية التي تضم 8 فصائل مسلحة وسياسية والجبهة الثورية بقيادة مناوي) ترحيبها بالتطبيع مع إسرائيل.
إلى جانب فصيل" الحزب الاتحادي "بقيادة التوم هجو.
فإن كثيراً من المراقبين، يرون أن الفائدة ستنحصر في فتح الأبواب له للتعاون اقتصاديا مع مؤسسات العالم المالية، بعد رفع اسمه من القائمة الأمريكية للإرهاب، هذا بجانب إمكانية استعانة الخرطوم، بالتقنية الإسرائيلية المتطورة، في مجال الزراعة بما يسهم في زيادة الإنتاجية الزراعية، وتنوع المحاصيل بالنظر إلى أن السودان، يملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
وقف الحرب:
عرضت إسرائيل استضافة مفاوضات بين الطرفين المتحاربين وسط الاشتباكات الجارية في السودان على أمل التفاوض على وقف لإطلاق النار.
خبير القانون الدولي" د. أحمد مفتي "يرى أن التطبيع مع إسرائيل، أمر في غاية التعقيد، من حيث المبدأ، فإن الشعوب بسبب عاطفتها الدينية، والإنسانية، ترفض التطبيع.
وأردف:" ولكن في اعتقادنا، أنه إذا كان التطبيع يحقق مطالب الشعب الفلسطيني، فإنه يكون لا غبار عليه، وذلك معيار موضوعي ومنطقي "
من جهته، أشار إلى هنالك نخب سياسية عربية، تؤيد التطبيع بقدر ما يوطد، التطبيع أركان حكمها، ونخب أخرى معيار قبولها للتطبيع، بقدر ما يساعدها على تجاوز أزمتها الاقتصادية.
وواصل حديثه قائلا:" قد يكون رفض التطبيع، مجرد مزايدة سياسية، لكسب جماهير الشارع العربي والإسلامي ".
مضيفاً:" تتشكل التكتلات السياسية في السودان، الرافضة والموافقة على التطبيع، وفق الاعتبارات أعلاه، وليس وفق اعتبار واحد، ولذلك تتنوع مواقف التكتلات من التطبيع ".
بالإضافة إلى فوائد التطبيع في حرب السودان أنه يقلل الدعم الذي يأتي للدعم السريع من إسرائيل.