تحذيرات السفارات: ظاهرها أمني.. ورسائلها أبعد من لبنان

زينة أرزوني – بيروت

2023.08.05 - 09:56
Facebook Share
طباعة

 أحياناً يكون وقع الكلمة او البيان أقوى من وقع التفجير أو أي حدث أمني في لبنان، وتحديداً في هذا التوقيت المُربك والمشحون على كافة الصعد، فالتحذيرات التي جاءت منتصف ليل الجمعة من قبل السفارة السعودية لمواطنيها أرقت اللبنانيين، خصوصاً ان البيان صدر عند الساعة الثانية عشر ليلاً تقريباً، وتضمن كلمات أثارت الذعر في نفوس أهل البلد الذين يعيشون كل يوم بيومه، فالسفارة طلبت من مواطنيها مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة وتجنب المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، من دون ان تذكر تلك المناطق.


ولو أن البيان تضمن حصراً الإشارة الى تجنب مناطق النزاعات، لكان تأويل أحداث مخيم عين الحلوة كمسبب لهذه التحذيرات أسهل للهضم عند اللبنانيين، ولكن الاشتباكات في الحلوة مضى عليها اسبوع، الامر الذي اثار تساؤلات عند المواطنين، إن كانت هذه التحذيرات مبنية على ملعومات أمنية ان الوضع في لبنان سيتدحرج نحو الانفجار الكبير، او ان عملية اغتيال تُحضر؟، وهنا لا يمكن لوم اللبنانيين الذين اعتادوا على مثل هذه السيناريوهات وخبروها طوال سنوات مضت.


التقاطع بين تحذيرات السفارات بدءاً من السعودية فالكويت والبحرين والمانيا، أثار بلبلة وخض البلد وسهام كلمات البيانات اصابت اولاً الموسم السياحي الذي يُعلق اللبنانيون أمالهم عليه، ورغم قول السعودية لاحقاً ان البيان التحذيري دوري، إلا ان هذه الذريعة لم تقنع اللبنانيين.


التحذيرات التي خرقت صفو لبنان من شماله الى جنوبه، يضعها مصدر وزاري في أكثر من خانة، اولاً في خانة الضغط على لبنان لتحريك الملف الرئاسي قبل شهر ايلول الذي ضربه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان موعداً للعودة الى لبنان لإجراء حوار بين القوى السياسية، ويشير المصدر الى ان التحذيرات السعودية لا يمكن فصلها عن التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، فبحسب تعبيره أجواء التفاهمات التي سادت المنطقة مؤخراً تبددت، لافتاً الى ان الحماسة العربية لعودة العلاقات مع دمشق تراجعت بعدما تحدثت معلومات عن ان الرياض ابلغت دمشق بأنها لن تُعين سفيراً لها طالما أنها لم تلتزم بما تعهدت به.


قرار إرجاء فتح السفارة إنسحب أيضاً على ايران، حيث كشف السفير الإيراني لدى السعودية علي رضا عنياتي، أن الرياض اتخذت قراراً بإرجاء إعادة فتح سفارتها في طهران، وأن المسؤولين السعوديين سيعيدون فتح السفارة متى رأوا ذلك مناسباً.


ويؤكد المصدر الوزاري في حديثه للوكالة انباء آسيا، ان التحذيرات السعودية لا يمكن فصلها عن التصعيد الاميركي، فهي تزامنت مع رسائل أميركية لاذعة تم توجيهها عبر لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، التي طالبت في رسالتها الى الرئيس الأميركي جو بايدن بإستخدام الإدارة الأميركية كل الوسائل الديبلوماسية المتاحة لتقديم مصالح واشنطن والا سيسقط لبنان في قبضة إيران، ولم تكتف بذلك فقط بل دعت الى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورحبت الرسالة بالأصوات الصادرة من أوروبا والتي تدعو أيضاً الى فرض عقوبات على مُعرقلي انتخاب الرئيس.


وإنطلاقاً من هذا، يشير المصدر الوزاري الى ان موقف السعودية تقاطع مع الموقف الاميركي، خصوصاً بعد عودة العلاقات بين البلدين الى أفضل مما كانت قبل التقارب السعودي الصيني، لافتاً الى انه منذ اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، كانت السعودية واضحة في مطالبها بفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين بسبب تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ودعت إلى إصدار موقف مشترك للخماسية حول منع السفر إلى لبنان ووقف السياحة، معتبراً ان السعودية إختارت اللحظة الامنية المناسبة لإطلاق تحذيراتها التي تأتي في الشكل مرتبطة بتطورات الوضع في مخيم عين الحلوة، ولكن بالمضمون المسألة أبعد من ذلك، فمن هنا يمكن وضع هذه التطورات في خانة ممارسة الضغوط السياسية لانتخاب رئيس وفق المواصفات التي تتحدث عنها الدول المشاركة في الاجتماع الخماسي.


وهنا يتخوف المصدر من أن يكون إحدى ساحات الإنعكاس المباشر لأي تصعيد سيحصل في ظل تطورات أميركية مع السعودية، معتبراً ان الموقف السعودي جاء بعد زيارات للعديد من المسؤولين الأميركيين إلى الرياض وتقديم عرض ببناء مشروع نووي سلمي، والذهاب إلى اتفاقية دفاعية أمنية وعسكرية مدتها 45 سنة، مقابل تطبيع العلاقات مع اسرائيل.

ويرى مراقبون ان لبنان تفصيل صغير في خريطة كبرى يتم العمل على اعادة رسمها وتقسيم ثرواتها بين الدول الكبرى المتحكمة بالمال والامن والاقتصاد العالمي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1