يقول مسؤول كبير في منظمة التحرير في مخيم عين الحلوة ممن لا تشترك قواتهم بالمعركة الدائرة هناك، بأن القتال الذي تسبب به مقتل مسؤول الأمن الوطني العميد أبو أشرف العرموشي، ليس بين حركة "فتح" والمتطرفين السلفيين في عين الحلوة، بل بين عملاء يخترقون عين الحلوة لصالح جهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع أجهزة أمن سلطة رام الله وامتدادها المخابراتي العميل في لبنان وبين عملاء الموساد في تيار السلفيين المتطرفين في المخيم التابعين غالبا لاجهزة عربية وخليجية حليفة للموساد وتخترق حركات التطرف لصالح الاسرائيليين.
وأما الاسباب المحلية فهي تفصيل عملاني، انما الواقع الخفي خلف المعارك المتكررة في الساحة الفلسطينية هي إختراقات اسرائيلية وأخرى عربية أو دولية حليفة لاسرائيل.
الاشتباكات التي جاءت على توقيت مشبوه في ظرف إقليمي ودولي راهن، تؤكد بأن هناك أيادي مشبوهة تسعى إلى تفجير الأوضاع الأمنية في الساحة اللبنانية بشكل عام، وتبحث عن غطاء وذريعة للقيام بذلك، في ظل الصراع السياسي الداخلي والدولي القائم على سلاح الحزب الذي يؤرق الاسرائيليين، ويتلون هذا الصراع تحت مسميات عدة من بينها كرسي رئاسة الجمهورية التي تسعى واشنطن ومن معها في الداخل اللبناني الى إنتخاب رئيس يطعن المقاومة في ظهرها ويجردها من شرعيتها، فالمطلوب اولا وأخيراً ان تسود الفوضى في مختلف الساحات المتصلة بفلسطين، ومع زعزعة الامن بالمخيمات يكون هناك عذر للمتعاونين في تنفيذ هذا المخطط للمطالبة بضرورة سحب السلاح من داخل المخيمات، وفرض الدولة اللبنانية سيطرتها هناك وهو ما قد يفتح إشكالاً لبنان بغنى عنه حالياً.
ثمة احتمالات عدة لخلفيات التفجير الأمني في المخيم، من بينها البدء بتنفيذ المخطط الذي حمله معه رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج الذي زار بيروت الأسبوع الماضي، فبحسب مصدر في الحكومة اللبنانية، طلب فرج من فتح العمل على كبح جماح فصائل المقاومة الفلسطينية داخل المخيم التي باتت صواريخها تُزعج الاسرائيليين، اضافة الى عرضه على السلطات اللبنانية اتفاقاً يحمل بصمات أميركية- إسرائيلية يقضي بضبط السلاح المتفلت في المخيمات وتسليم المطلوبين الى الدولة مقابل تضييقها الخناق على تحركات وانشطة حركتَي حماس والجهاد الإسلامي.
هدف فرج من زيارته بيروت، ودائماً بحسب مصدر وزاري هو خلق فتنة فلسطينية ـ فلسطينية تبدأ من لبنان وتنتقل إلى الداخل الفلسطيني، بحيث تؤدي إلى إرباك المقاومة المتصاعدة في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية أكدت له أن قسماً كبيراً من الشباب الفلسطينيين المنخرطين في عمليات المقاومة داخل الضفة، هم من شباب فتح وقواعدها.
ومن أهدافه ايضا بحسب المصدر، رفع منسوب التوتر مع القوى الاسلامية داخل المخيم، ولعل زج اسم عصبة الانصار في الاشتباكات مع فتح خير دليل على ذلك، لتعود وتنفي انها ليس لها علاقة في الاشتباكات، فالمصاب "أبو قتادة" هو أحد أبرز المطلوبين للسلطات اللبنانية، وكانت وجهت إليه سابقاً تهمة الانتماء لتنظيم إرهابي وتحديداً جماعة "جند الشام".
ومن بين الاحتمالات التي يطرحها المصدر الوزاري حول تحريك مخيم عين الحلوة، هو أن يكون هناك قرار بالعبث الأمني لإشغال المقاومة في لبنان وكشف ظهرها، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي على الحدود.
المخططات الاسرائيلية التي تهدف الى زعزعة الاستقرار داخل المخيمات الفلسطينية ونقلها إلى المناطق المحيطة ليست وليدة اللحظة، هناك سيناريوهات عدة كُشفت قبل اعوام، ولعل توقيف محمد إبراهيم عوض في نيسان 2010، الذي اعترف بتجنيده من قبل الموساد الإسرائيلي، دليلاً على ذلك، حيث إعترف بأنه كان ينقل بريداً ميتاً من قبل الإسرائيليين إلى داخل مخيم عين الحلوة، وكان يتسلمه أفراد خلايا لم يتم الكشف عنهم حتى الآن.
اضافة الى عمليات اغتيال عدة لعناصر فلسطينية حصلت داخل المخيم على يد عملاء إسرائيل، الى جانب إغراق المخيمات بالمخدرات من قبل أجهزة الموساد.
وليس اخره ما كانت قد كشفته قبل سنوات جولي أبو عراج محررة في نشرة أخبار التلفزيون الاسرائيلي"24I، عن وثيقة قالت إنها حصلت عليها من جهاز الاستخبارات الاسرائيلي تفيد بأن جماعات مسلحة تأتمر بكتائب عبدالله عزام تخطط لعمل إرهابي كبير في لبنان يستهدف شخصية أمنية رفيعة، مشيرة الى ان الموساد حصل على هذه المعلومات من عملائه داخل مخيم عين الحلوة، ورصد مجموعة اتصالات من داخل المخيم تخلص في محتواها الى وجود مخطط كبير لعملية اغتيال من تجهيز سيارة مفخخة داخل المخيم على أيدي ارهابيين محترفين.
الاشتباكات تتزامن مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية، وفتح النار في مخيم يلفّه البؤس والحرمان، يؤكد على ان هناك يد خفية حركت هذه المعركة، ما يشي بأن الخلايا النائمة لتنظيم داعش قد إستفاقت وإستعادت "عافيتها الارهابية" من الشرق الاوسط الى افغانستان فافريقيا وكانت اخر عملياتها الدموية في مقام السيدة زينب في دمشق قبل أيام ، وصولاً الى لبنان.