نصائح علم النفس للوالدين

ربى عيسى .. كاتبة لبنانية مقيمة في كندا

2024.01.05 - 11:05
Facebook Share
طباعة

 يحرص الآباء والأمهات على تنشئة أطفالهم بشكل سليم وصحي قدر الإمكان، لكن تظل بعض الأخطاء التربوية التي قد يقترفونها دون قصد وتؤثر على تنشئة أطفالهم.

ولا يقتصر تأثير التربية على مرحلة الطفولة، بل يمتد تأثيرها طوال العمر. فكما أن التربية السليمة للطفل تؤثر على مستقبله إيجابا، فإن وجود أخطاء في تربية الأطفال له تأثير سلبي على حياتهم المستقبلية.

ومع ذلك فإن ضغوط الحياة والمهام الكثيرة المطلوبة من الوالدين تعرضهما بشكل أو بآخر للوقوع في أخطاء دون أن يشعرا بذلك.

التربية الحديثة بمساعدة الإنترنت
يانا الشل واحدة من بين عدد متزايد من أمهات الجيل الجديد اللواتي بتن يستخدمن وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي لمساعدتهن على تربية أبنائهن والعناية بهم، فهي من جيل اعتاد على استقاء المعلومات بشكل روتيني من الإنترنت في حياته اليومية، والاعتماد على الأجهزة الذكية لفهم أكثر لطبيعة تربية الأطفال وطرق تغذيتهم وكيفية التعاطي مع مختلف سلوكياتهم.

وهكذا أصبح محرك البحث الشهير "غوغل" (Google) مصدرا مهما تستعين به للتعامل مع المشكلات التربوية التي تواجهها في تنشئة ابنتيها التوأم، فضلا عن اكتساب الخبرات والتجارب حول طرق تعامل الوالديْن مع أبنائهما.

وتحرص على متابعة مجموعات الخبراء في التربية السليمة للطفل الموجودة على فيسبوك، لاكتساب المهارات التي تساعدها على تربية ابنتيها بشكل صحيح، وفهم احتياجاتهما النفسية والعاطفية والاستجابة لها، خاصة وأن التربية الحديثة مختلفة عن تربية الأباء والأجداد، كما تقول.

وأضافت أنها لجأت لأمها كثيرا عندما كانت ابنتاها في فترة الرضاعة لتتعلم كيفية التعامل معهما وتغذيتهما، فهي مدركة تماما أن والدتها قد أحسنت تربيتها هي وشقيقها، لكنها تعتقد أن الاعتماد على آراء الخبراء مهم جدا في العصر الحالي، إذ إنها تطمح لتربية ابنتيها بطريقة أفضل من ذي قبل، وثمة طرق ومصادر لا حصر لها متوفرة على الإنترنت قد تساعد جميع الآباء والأمهات على المشاركة بفعالية في تربية صغارهم، ويفهمون احتياجاتهم أكثر والمبادرة بتلبيتها بشكل صحيح.

وتنهي الشل  مؤكدة أنها لم تفشل في تربية ابنتيها، وأنها بذلت جهدا كافيا لتحسين نفسيتهما وشخصيتهما إلى الأفضل.


أثر الشجار الدائم على الأطفال
يقول الأب الشاب أحمد شهاب إن تنشئة الأطفال وتربيتهم مهمة شاقة ومجهدة، وبكل أسف أي تقصير أو خطأ يرتكب تكون نتيجته أطفال غير أسوياء وغير سعداء أيضا.

ويبين شهاب أن المسؤوليات الكثيرة لتلبية متطلبات الأسرة تدفعنا في كثير من الأوقات إلى نسيان إظهار الحب للطفل الصغير الذي ينتظر بشوق ولهفة حب والديه، فهما أهم ما لديه.

ويوضح أنه للا يوجد بيت يخلو من المشاكل والنزاعات، ضغوط الحياة والمسؤوليات التي لا حصر لها على كاهل الأزواج تجعلهم في حالة من التوتر الدائم، وغالبا يترجم بنوبات الغضب والشجار بين الزوجين، مما جعل ابنه يتأثر سلبيا، حيث تغيرت شخصيته فصار أكثر حساسية وانعزالا ولا يفهم الواقع من حوله بشكل جيد، وهذا ما دفعهما لتفادي الشجار أمامه قدر المستطاع.

هفوات الأهل خلال تربية الطفل
تستعرض الاختصاصية في الصحة النفسية ريان البدوي النجار أبرز الهفوات التي يرتكبها الوالدان أثناء تربية أطفالهما دون أن يدركا هذا، إضافة إلى مجموعة نصائح لتحقيق ما يتمناه الأهل لطفلهم لينمو نفسيا وعقليا بشكل سليم. ومن هذه الهفوات:

1- الانتظار ليبلغ الطفل سنا معينا لإرشاده ظنا من الأهل أن الطفل لا يزال "صغيرا أو لا يفهم".
فالطفل مهما كان عمره يتعلم من خلال أدواته الخاصة التي يطوّرها مع نموه الجسدي والإدراكي والنفسي. وكلما تم استخدام تقنيات التربية الصحية مبكرا، ساعدنا الطفل على تطوير مهاراته بالتزامن مع نموه.

2- الاعتقاد أن الطفل في سن معين أصبح مدركا للسلوك المرغوب.
فنعتقد أنه يعرف بنفسه التصرف المرغوب فيه والمنتظر أداؤه، كأن يكون عمره 5 سنوات وعندما يأكل تتسخ ملابسه والمكان حوله فيوبخه الأهل بكلام قاس من مثل "أصبحت كبيرا ولا تعرف كيف تأكل".

فعندما نتأخر في تعليم الطفل طريقة الأكل السليمة ونتأخر بالسماح له بالأكل بنفسه لا يمكننا توقع أنه يعرف كيف يجب أن يأكل وما العوائق التي تساهم في اتساخ ملابسه والمكان. فعلينا توجيه الطفل للسلوك الذي نود تعديله كأن نعطي الطفل ملعقة مناسبة لفمه، وتوجيهه لتقليل كمية الطعام في الملعقة، والأكل بهدوء. ويجب إبعاد المؤثرات التي تشتت تركيزه كالألعاب والأجهزة الإلكترونية وإطفاء التلفاز أثناء تناول الطعام. علينا تذكر أن الطفل يتعلم بإرشاده.

3- مشاركة الآخرين سلوكيات الطفل المزعجة سواء أمامه أو سرا.
نحن بحاجة لوجود أشخاص نثق فيهم لإعطائنا نصائح في مجالات تهمنا. ولكن من المهم أن نجد أشخاصا جديرين بالثقة، فدورهم ينحصر فقط في إرشادنا، لا التدخل في شؤون الطفل. أما تأثير مشاركة الآخرين في تربية الطفل في ظل الضغوط التي نعيشها نتيجة عدم معرفتنا كيفية التعامل معه فتشعره أنه عبء وغير مرغوب به وليس جديرا بمحبتهم.

4- مقارنة تطور مهاراته بأطفال آخرين من عمره.
هذه الهفوة تسرق من الأهل فرصة الاستمتاع بمهارات الطفل، والعمل على تعزيزها وتقوية المهارات الأخرى، فيشعر الطفل أنه عاجز ولا يستطيع القيام بشيء، وأن الآخر أفضل منه، مما ينعكس على أدائه اليومي والمدرسي والاجتماعي. فهو لا يثق بنفسه وبقدراته.

على الأهل مداراته وتقدير مهاراته مهما كانت بسيطة، وتشجيعه وإشعاره أنهم فخورون به، ومساعدته بتقوية المهارات الأخرى، وهذا يعزز طاقته النفسية، وإلا فسينعكس ذلك سلبيا على قدراته وإمكانياته.

5- القيام بحاجاته عوضا عنه.
بذريعة أنه صغير وأن مهاراته لا تكفي، نساعده في أبسط الأمور كارتداء ملابسه وأداء واجباته المدرسية، والدخول للمرحاض. فتراه دائما يطلب من أهله وحتى أقاربه القيام بأموره الخاصة مهما كانت بسيطة لأنه أصبح مؤمنا أنه لا يستطيع.

6- تغيير السلوك بتهديده بالحرمان.
كتهديد الأم بخروجها من المنزل، أو الدعاء عليه أو على نفسها، أو قول "سأموت بسبب تصرفاتك" أو "رح تجلطني (ستصيبني بجلطة)" إلخ.

طبيعي أن ينزعج الأهل من بعض سلوكيات أطفالهم، ولكن يبقى المزعج السلوك وليس الطفل. ويجب إخبار الطفل أننا لم نحب تصرفه، ونشرح له لماذا، وإن كان سلوكا جديدا يجب معرفة ممن تعلمه لتوجيهه بشكل أفضل، مع ترك مساحة للطفل للتفكير بسلوك أفضل قبل مشاركته بالحلول.

كما يجب سؤال الطفل عن سبب قيامه بهذا السلوك تحديدا، مما يساعد الأهل على معرفة الأمور التي لا يستطيع الطفل إدارتها. وفيما يختص بالدعاء على الطفل أو النفس، فإنه مؤذٍ للطفل خاصة إذا حدث مكروه له أو للأهل فيشعر بالذنب.

7- تلبية طلبات الطفل كافة.
قد يحدث هذا لأسباب منها: طفل وحيد، أو صغير المنزل، أو الطفل البكر، أو محبوب والديه والأهل، لإسكاته لأنه اعتاد تلبية رغباته دائما.

في الواقع يواجه الطفل منذ أشهره الأولى تحديات للتعامل مع مشاعر تزعجه. ومع حسن تعامل الأهل مع مشاعره يبدأ الطفل بتعلم كيف يفهم مشاعره وكيف يتعامل معها.

لذلك نجد الطفل دائما في نوبات بكاء يكسر أدوات وألعاب، أو يضرب أو غيرها من السلوكيات المؤذية وغير المرغوبة عندما لا تلبى رغباته لأنه اعتاد على توفّر ما يريده في اللحظة ذاتها والحصول عليها عندما يبكي لأنه غير معتاد على الانتظار أو على رفض طلباته بتاتا. فمن الطبيعي أن تحصل مواقف يرفض فيها الأهل طلبات أبنائهم، بل لا بد منها لنمو نفسي أفضل.

8- وجود مرجع آخر غير الأهل.
في بعض العائلات، نجد أن الجد والجدة أو الأقارب يدخلون خط تربية الطفل دون قصد كتعبير عن محبتهم للطفل. فيعارضون قرار الأم أو الأب ويوجهون لهما بعض الملاحظات في أسلوب تربيتهما لأطفالهما تحديدا أمام الأطفال.

من المهم مشاركة الخبرات مع الأهل، ولكن ليس على مرأى ومسمع الطفل، فهذا يؤثر على صورة الأهل لدى الطفل. فالتدخل و"كسر كلام أحد الأبوين" يفقد الأهل خصوصية المرجعية لأطفالهم، مما يجعل الطفل في حيرة من هو المرجع؟! لذلك يجب الحرص على أن لا يتدخل أحد من عائلتي الوالدين في تربية الطفل إلا في حالات استثنائية.

9- النظام والضوابط.
يظن البعض أن الطفل يسعد بتركه يقود يومياته وينفذ كل ما يريد دون العودة للأهل. ولكنه بحاجة لنظام يضعه الأهل لتنظيم وقت طعامه ولعبه ودراسته. وبحاجة لأخذ موافقة الأهل على أمور يرغب في القيام بها، ليتعلم احترام مراجع السلطة والآخرين.

فبلا سلطة الأهل لا يمكنه وضع روتين ليومه ولا احترام الأنظمة وأخذ المشورة، وقد يعرض نفسه للخطر لأنه لم يعتد العودة لأهله لتوجيهه وأخذ رأيهم.

10- تصحيح الهفوات.
لا يمكن معرفة التأثير الحتمي لأي هفوة يقع فيها الأهل خلال رحلة تربية الطفل، وهفوة واحدة لا تعني حتمية افتقار الطفل لمهارة ما، وإنما يكون عرضة لها. ويجب تصحيح أي هفوة عند الانتباه لها.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7